الرضي جامع نهج البلاغة قدسسرهما.
والظاهر أنّ السيد علم الهدى قدسسره لم يصرّح بالاعتقاد بهذا القول ، بل يظهر منه الميل إليه ، وأمّا السيّد الشريف الرضي قدسسره فقد صرّح به في حقائق التأويل بقوله : «في ذكر الجنة والنار. هل هما مخلوقتان الآن أم تخلقان بعد فناء العباد؟ وقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال : هما الآن مخلوقتان ، وقال بعضهم : إنّ الجنّة خاصّة مخلوقة ، والصحيح أنّهما تخلقان بعد» (١).
ثمّ ذكر أدلّة في إثبات هذا القول ، ولكنها ضعيفة لا تقاوم الأدلّة القوية الدالّة على أنّهما مخلوقتان الآن.
وأكثر قدسسره من التأويل والحمل على المجازات مع أنّها لا يصار إليها مع صحّة الحمل على المعنى الحقيقي ، ونصوص الأحاديث الواردة عن العترة الطاهرة سلام الله عليهم دالّة على أنّهما مخلوقتان كما سمعت بعضها.
وقال الشيخ المحشّي (ره) على حقائق التأويل : «الخلاف في خلق الجنة والنار الآن أو أنّهما يخلقان يوم الجزاء مأثور عن قدماء المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة ، فقد ذهب الأشاعرة وأبو علي الجبائي وبشر بن المعتمر وأبو الحسن البصري إلى أنّهما مخلوقتان ، وهو مذهب أكثر علماء الإماميّة ، وأنكر أكثر المعتزلة ذلك كعبّاد الصمري وضرار بن عمر وأبي هاشم والقاضي عبد الجبار وإليه مال الشريف المرتضى» (٢) انتهى.
قال العلامة الشيخ البحراني (ره) في محاسن الاعتقاد ـ المخطوط ـ : واعلم أنّ الإيمان بالجنة والنار ـ على ما وردتا في الآيات والأخبار من غير تأويل ـ من ضروريات الدين ، ومنكرهما أو مؤوّلهما بما أوّلت به الفلاسفة خارج من الدين ؛ لأنّ كونهما مخلوقتين الآن قد ذهب إليه أكثر طوائف المسلمين إلّا شرذمة من المعتزلة ، فإنّهم يقولون سيخلقان في القيامة ، والآيات والروايات دافعة لقولهم مزيّفة لمذهبهم ،
__________________
(١) حقائق التأويل ، ج ٥ ، ص ٢٤٥ ـ ٢٤٨ ، طبعة النجف سنة ١٣٥٥.
(٢) حقائق التأويل ، هامش ص ٢٤٥.