بمقتل الحسين عليهالسلام قبل وقوعه ، وذلك من أخبار الأنبياء والكهنة وأهل النجوم. وقد روى الطبري في تاريخه قال : وحدّثني العلاء بن أبي عاثة قال : حدّثني رأس الجالوت عن أبيه قال: ما مررت بكربلاء إلّا وأنا أركض دابّتي حتّى أخلف المكان قال : قلت : لم؟ قال : كنّا نتحدّث أن ولد نبي مقتول في ذلك المكان قال : وكنت أخاف أن أكون أنا ، فلمّا قتل الحسين عليهالسلام قلنا : هذا الذي نتحدّث قال : وكنت بعد ذلك إذا مررت بذلك المكان أسير ولا أركض (١).
فلا شكّ عندنا أنّ الإمام عليهالسلام كان عالما بما يؤول أمره إليه ، وأنّه شهيد هذه الأمّة ، ومن سبر كتاب كامل الزيارات وهو من أصحّ كتب الحديث عندنا لا يبقى له شكّ في ذلك. وينبغي مطالعة ذلك الكتاب النفيس الممتع الخالد ، وهو من نفائس الآثار وجلائل الكتب والأسفار ، ويجدر فيه مطالعة حديث زائدة عن الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام المشهور بحديث أم أيمن رضوان الله عليها ، فيه إخبار النبي صلىاللهعليهوآله عن مقتل سيد الشهداء سلام الله عليه وأعوانه وأنصاره وأحوال قبره الشريف (٢).
نعم ، الإمام عليهالسلام كان عالما بما يقع في طف كربلاء تفصيلا ، ولكن كانت وظيفته العمل بما يعلم ويراه من الأسباب الظاهرية ، فإنّ ذلك هو متعلّق التكليف له ، وكانت وظيفة الحسين عليهالسلام على ما يستفاد من الأخبار والأحاديث الواردة عن العترة الطاهرةعليهمالسلام : عدم الدخول تحت سيطرة أحد من الظالمين والمتغلّبين وعدم البيعة لواحد من أولئك الطغاة الغاشمين.
ومن هنا نقطع أنّ ما ذكره الطبري نقلا عن الإمام عليهالسلام أنّه قال : اختاروا منّي خصالا ... الخ ، من الأكاذيب والموضوعات المأخوذة عن الأفواه. هل يعقل من الإمامعليهالسلام القائل : لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرّ فرار العبيد ، يا عباد الله إنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون. أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٤ ، ص ٢٩٦.
(٢) كامل الزيارات ، ص ٢٥٩ ـ ٢٦٦.