وخاطب الصحابي الشهير الأعظم أبو ذر الغفاري (ره) الجمّ الغفير من الناس ، وأخبرهم بمقتل الحسين عليهالسلام حينما أبعده عثمان وأرسله إلى الربذة. وقد روى الشيخ الفقيه الثقة الأقدم ابن قولويه القمي قدسسره ، بإسناده عن عروة بن الزبير قال : سمعت أبا ذر وهو يومئذ قد أخرجه عثمان إلى الربذة فقال له الناس : يا أبا ذر أبشر فهذا قليل في الله تعالى فقال : ما أيسر هذا ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن علي عليهماالسلام قتلا أو قال : «ذبح ذبحا»؟ والله لا يكون في الإسلام بعد (١) قتل الخليفة (٢) أعظم قتلا منه ، وإنّ الله سيسلّ سيفه على هذه الأمّة لا يغمد أبدا ، ويبعث ناقما (٣) من ذريته فينتقم من الناس ، وأنّكم لو تعلمون ما يدخل أهل البحار وسكّان الجبال في الغياض والآكام وأهل السماء من قتله «لبكيتم والله حتّى تزهق أنفسكم» وما من سماء تمرّ به روح الحسين عليهالسلام إلّا فزع له سبعون ألف ملك ، يقومون قياما ، ترعد مفاصلهم إلى يوم القيامة ، وما من سحابة تمرّ وترعد وتبرق إلّا لعنت قاتله ، وما من يوم إلّا وتعرض روحه على رسول الله صلىاللهعليهوآله فيلتقيان (٤).
ولا شكّ أنّ هذه الإخبارات والإخبار عن عالم ما وراء الطبيعة والأحوال البرزخية ، إنّما أخذها أبو ذر قدّس الله روحه عن صاحب الرسالة المقدّسة «رسول الله» صلىاللهعليهوآله ، فيعلم من ذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أخبر الخواصّ من أصحابه كأبي ذر (ره) ا تعالى تفاصيل مقتل الحسين عليهالسلام سواء ما هو واقع في عالم الطبيعة أم ما وراءها ، كما هو غير خفيّ على من ينعم النظر إلى حديث أبي ذرّ رضوان الله عليه وأمعن فيه.
ويستفاد من بعض التواريخ والأحاديث أنّ علماء أهل الكتاب أيضا كانوا عالمين
__________________
(١) بعد قتل الحسين أعظم قتيلا منه ـ خ ل.
(٢) يشير إلى قتل أمير المؤمنين سلام الله عليه بيد المرادي الملعون في محراب مسجد الكوفة ، ويستفاد من كلامه هذا أنّه كان عالما بشهادة أمير المؤمنين عليهالسلام أيضا قبل وقوعها.
(٣) قائما ـ خ ل ـ يشير إلى ظهور القائم المهدي المنتظر أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه وجعلنا من كلّ مكروه فداه.
(٤) كامل الزيارات ، ص ٧٣ ـ ٧٤ ، طبعة النجف.