وكان قبل ذلك لمّا رأى جابر بن عبد الله الأنصاري (ره) الإمام الباقر عليهالسلام في الكتّاب عند جماعة من الأولاد المجتمعين لتعلّم الكتابة ، فأقبل إليه يقبّل رأسه وقال : بأبي أنت وأمّي إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يقرئك السّلام ، وذكر الإمام عليهالسلام ذلك على أبيه الإمام السجاد عليهالسلام فأخبره الخبر وهو ذعر ، فقال : يا بني قد فعلها جابر؟ قال نعم قال : يا بني الزم بيتك فكان جابر يأتيه طرفي النهار ، وكان أهل المدينة يقولون : وا عجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار ، وكان جابر والله يتعلّم منه ، فأمر السجاد عليهالسلام ابنه الباقر عليهالسلام بلزوم البيت ، فإنّ ما فعله جابر في ملأ من الناس على رءوس الأشهاد من تقبيل رأسه وإبلاغه سلام رسول الله صلىاللهعليهوآله إليه ، صار سببا لمعروفية الإمام عليهالسلام بين الأولاد ، وهم كانوا يحسبون أنّه من أمثالهم ، وبعد ذلك أمر السجّاد عليهالسلام بلزومه البيت وعدم الاختلاف إلى الكتّاب. راجع رجال الكشّي (ره) وتأمّل في الأخبار والآثار حتّى تجد صدق ما قلناه.
ص ٣٩٤ س ١٤ : «لأنّث الضمير».
لا يقال : إنّ تذكير الضمير باعتبار الأهل كما ادّعاه بعض النواصب في عصرنا ، وهو يحمل نسبا إلى الأمويين ، فإنه يقال : وعلى ما ادّعاه أيضا لا بدّ وأن يكون في العدول إلى الخطاب بالجمع المذكّر سببا ومرجّحا ؛ فإنّ الأهل يذكّر ويؤنّث كما ذكره العلامة الزمخشري في الكشاف ، فكان التعبير بحسب سياق الآيات ، وصدر هذه الآية نفسها هو الخطاب بالجمع المؤنّث ، فالعدول ليس إلّا أنّ المراد من قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ...) هو الخمسة النجباء أصحاب الكساء عليهمالسلام فقط ....
ثمّ نقول : إن كان المراد من الأهل هو الأهل في قوله تعالى : (أَهْلَ الْبَيْتِ) فهذا لا يصحّح مراده ؛ لأنّ الأهل تابع ل (عَنْكُمُ) والتابع لا يؤثر في المتبوع لا تذكيرا ولا تأنيثا.
وإن كان المراد من الأهل هو الأهل المنتزع من النساء ، فهذا يقتضي أن تكون الضمائر السابقة أيضا بالتذكير ، والحال أنّ الضمائر كلّها بالتأنيث ، فما وجه العدول في ذيل الآية إلى التذكير؟ مع أنّ الأهل يذكّر ويؤنّث. ووجه العدول ليس إلّا أنّ الخطاب فيها لأصحاب الكساء عليهمالسلام وليست الأزواج داخلة فيها.