بالإمامة من المفضول ...
فالقارئ العزيز بعد المعرفة بما ذكرناه جدّ خبير ، بأنّه لو وجد فيما ورد من الأخبار الآحاد أو يوجد في تضاعيف بعض الكتب ، والمسفورات في حقّ بعض الأئمة الأطهارعليهمالسلام ، من أنّه في حال الطفولية وصغر سنّه كان في الكتاب أو وجدوه بين الأطفال المتعلّمين ، فلا يتوهّم من ذلك أنّه كان للتعلّم والأخذ من المعلّم ؛ لعدم احتياجهم إلى ذلك ، فقد عرفت أنّهم مثل جدّهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلومهم مقتبسة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وأضف إلى ذلك أوّلا : أنّها اخبار آحاد شاذّة لا توجب العلم ولا الظن في هذا المقام من فروعات باب الإمامة وثانيا : فعلى فرض صحّة النقل وثبوته فرضا وإمكان التعويل عليه ، لا شكّ أنّ هذا العمل من بعضهم عليهمالسلام كان من باب المماشاة مع أبناء نوعهم من الأطفال والمعاشرة والإدارة معهم بحسب مقتضى ظواهر الأحوال ، ولا سيما في زمان شدّة صولة أعدائهم وتسلّطهم على جميع شئون الأمة ، كزمن بني أمية فكان دأبهم عليهمالسلام في أعمالهم وحركاتهم وسكناتهم على حسب الظواهر المتعارفة بين الناس والمعاشرة معهم ، فإنّهم كانوا يعاشرون الناس بما هو المعروف المعمول بينهم ؛ صونا لأنفسهم وحفظا لها عن كيد الأعداء والخصماء.
ومن جهة أخرى لئلّا يغلوا في حقّهم الجهال ، وغير ذلك من المصالح التي كانوا عليهمالسلام ، وهم أهل العصمة والطهارة أعرف بها منّا ، وخوفهم من فراعنة زمانهم وجبابرة أوانهم ، ولا سيما من ملوك بني أميّة الذين كانت شئون دولتهم الغاشمة على نقيض من قوانين الإسلام المقدّسة ، بل كانت على النزعة العربية الباقية من زمن الجاهلية.
ولذلك كان الأئمّة عليهمالسلام يعاشرون الناس في حقّ أولادهم ، ولا سيما في حقّ من كان منهم إماما وحجّة لله تعالى في أرضه ، كمعاشرة بعضهم مع بعض سترا عليه. ألا ترى أنّ الإمام الباقر عليهالسلام لمّا حدّث الناس عن أبيه عن جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال أهل المدينة : ما رأينا قط أجرى من هذا يحدّث عمّن لم يره ، فلمّا رأى الإمام عليهالسلام ما يقولون حدّثهم عن جابر بن عبد الله الأنصاري (ره) فصدّقوه ، مع أنّ جابر كان يأتيه ويتعلّم منه ،