وينبغي هنا أن نلفت النظر إلى ما ذكره شيخنا الأعظم الشيخ المفيد (ره) في الإرشاد ، وقد أثبت أنّ من آيات الله تعالى في أمير المؤمنين عليهالسلام ما ساوى به نبيّين من أنبياء الله تعالى ورسله : المسيح عليهالسلام ويحيى عليهالسلام وقد أكمل الله تعالى عقله ومعرفته بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله مع كونه في عداد الأطفال ظاهرا ، وكان كمال عقله وحصول المعرفة له بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله آية لله تعالى فيه باهرة ، خرق بها العادة ودل بها على مكانه منه واختصاصه به وتأهيله لما رشحه له من إمامة المسلمين والحجة على الخلق أجمعين ، فجرى في خرق العادة مجرى عيسى عليهالسلام ويحيى عليهالسلام ، فلو لا أنّه عليهالسلام كان في العقل والعلم والمعرفة وسائر أوصاف الكمال كاملا وافرا وبالله تعالى عارفا ، لما كلّفه رسول اللهصلىاللهعليهوآله الإقرار بنبوته ، ولا ألزمه الإيمان به والتصديق لرسالته ، ولا دعاه إلى الاعتراف بحقّه ، ولا افتتح الدعوة به قبل كلّ أحد من الناس سوى خديجة عليهاالسلام زوجته ، ولما ائتمنه على سرّه الذي أمر بصيانته ، ولما أفرده النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك من أبناء سنّه كلّهم في عصره وخصّه به دون من سواه ممّن ذكرناه ، دلّ ذلك على أنه عليهالسلام كان كاملا مع تقارب سنه ، وقد خرق الله تعالى في أمير المؤمنين عليهالسلام بالآية الباهرة التي ساوى بها نبيّيه اللذين نطق القرآن بآياته العظمى فيهما ، نقلناها ملخّصا [عن الإرشاد (١)].
وللعلّامة القاضي أبي الفتح الكراجكي قدسسره رسالة شريفة في إثبات أنّ أمير المؤمنينعليهالسلام هو أول من أسلم ، أدرجها بتمامها في كتابه الخالد كنز الفوائد وقال قدسسره : وقد أتت الأخبار بأنّ زيد بن حارثة تقدّم أبا بكر في الإسلام ، بل قد روي أنّ أبا بكر لم يسلم حتّى أسلم قبله جماعة من الناس ، وروى سالم بن أبي الجعد عن محمد بن أبي وقّاص أنّه قال لأبيه سعد : كان أبو بكر أوّلكم إسلاما قال : لا قد أسلم قبله أكثر من خمسين رجلا (٢).
__________________
(١) انظر الكلمات الباهرات في الإرشاد ، ص ١٦٢ ، طبعة تبريز.
(٢) انظر كنز الفوائد ، ص ١١٨ ، ١٢٤.