أحدهما لا يغني عن وجود الآخر ؛ لتكافئهما ، ولذا دعاهما صلىاللهعليهوآله جميعا ، ولو دعا أحدهما دون صنوه كان ترجيحا بلا مرجّح ، وهذا ينافي الحكمة والعدل ، نعم لو كان ثمّة في الأبناء من يساويهما لدعاه معهما ، كما أنّه لو كان لعلي عليهالسلام نظير من الأنفس أو لفاطمةعليهاالسلام من النساء لما حاباهما ؛ عملا بقاعدة الحكمة والعدل والمساواة.
وهذه النكات الشريفة تلخيص ممّا ذكره بعض الأكابر من الأساتذة قدّس الله روحه.
وقال العلامة قدسسره في كتابه إيضاح مخالفة السنة ـ مخطوط ـ ما هذا لفظه : واستدلّت الإمامية بهذه الآية على أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان أفضل الصحابة من وجهين :
الأوّل : أنّ موضوع المباهلة ليتميّز المحقّ من المبطل ، ولا يصح أن تفعل إلّا بمن هو مأمون الباطل ويكون مقطوعا على صحة عقيدته ، وأنّه أفضل الناس عند الله ؛ لأنّ استعانة النبي صلىاللهعليهوآله به في الدعاء تدلّ على علوّ مرتبته وشرف منزلته وتميزه عن غيره.
والثاني : أنّ قوله تعالى : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) أشار به إلى أنّ نفس عليّعليهالسلام هي نفس محمد صلىاللهعليهوآله ، والاتحاد محال ، فالمراد به المساواة ، ومساوي الأفضل أفضل. وأراد بقوله : (نِساءَنا) فاطمة عليهاالسلام. وهذا كلّه يدلّ على أفضليتهم عليهمالسلام على غيرهم ؛ فإنّ العقل يقضي بأنّه لو كان أحد أفضل منهم استند به النبي صلىاللهعليهوآله في الدعاء ، على أنّ الله تعالى هو الذي أمره بذلك ، وخالفت السنة فيه انتهى ، انظر إلى كتابنا التحقيق في الأربعين (١).
ص ٣٨٨ س ١٧ : «فوجب الحكم بصحّته».
ولقد أحسن المأمون ـ الخليفة العباسي ـ الاحتجاج في إثبات صحّة إسلام أمير المؤمنين عليهالسلام في حال صباه ، حين جمع أربعين رجلا من فقهاء العامة ، واحتجّ عليهم في أفضلية الإمام عليهالسلام وأحقيته بالخلافة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله كما أشرنا إليه فيما تقدّم من تعاليقنا.
__________________
(١) انظر التحقيق في الأربعين ، ص ٥٦٠ ، طبعة تبريز.