ص ٣٧٨ س ١١ : «فهو كقولنا».
واعلم أنّ التقية عندنا هي أن تقول أو تفعل غير ما تعتقد ؛ لتدفع الضرر عن النفس أو المال المحترم أو العرض أو الكرامة ، وهي من الأحكام الثانوية التي تفرضها الضرورة الملحّة.
ويدلّ عليها الكتاب والسنّة والعقل ، فمن الكتاب ما ذكره المصنّف (ره) وأمّا السنة فحديث : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» والحديث المشهور بحديث الرفع : «رفع عن أمّتي تسعة» وغيرهما ، وأمّا العقل فهو مستقلّ بدفع الضرر عن النفس والمال والعرض ومستقرّ في دفع الأهمّ بالمهمّ ، وهذا أمر تستقلّ به ضرورة العقول ، وعليه جبلت الطباع وغرائز البشر.
لقد كانت التقية شعارا لأهل البيت عليهمالسلام ، دفعا للضرر عنهم وعن أتباعهم ، وحقنا لدمائهم واستصلاحا لحال المسلمين ، وجمعا لكلمتهم ولمّا لشعثهم ، وليس اللوم في العمل بالتقية على الشيعة بل على من سلبهم موهبة الحرية وألجأهم إلى العمل بالتقية ، وقد شرح شيخنا الأستاد كاشف الغطاء قدسسره نزرا يسيرا من الأسباب المشئومة التي أوجبت التقية للشيعة في زمن بني أمية تلك الشجرة الملعونة في خاتمة كتابه الخالد (أصل الشيعة وأصولها).
ثمّ إنّ جمعا من النواصب جعلوا التقية من جملة المطاعن للشيعة ، وكأنّهم كان لا يشفى غليلهم إلّا أن تقدّم رقابهم إلى السيوف لاستئصالهم عن آخرهم في تلك العصور التي يكفي فيها أن يقال : هذا رجل شيعي ليلاقي حتفه على يد أعداء أهل البيت عليهمالسلام من الأمويين والعباسيين والسلجوقيين والعثمانيين ، وقد أخذ وليّ أمرهم السلطان سليم العثماني من فقهاء زمانه الحكم بوجوب قتل الشيعة وسفك دمائهم أينما وجدوا ، ولو لا قيام الدولة العليّة العلوية الصفوية في الدفاع عن الشيعة والحماية لهم لكان استئصال الشيعة بيد عمال سليم السفّاك متحتّما وإبادتهم عن البسيطة قطعيا ، فجزى الله تعالى لأغلب سلاطين الصفوية خير الجزاء.
ثمّ اعلم أنّ للتقية أحكاما من حيث وجوبها وعدم وجوبها وحرمتها ، فإنّها قد تحرم