للولد الأكبر ما لم يكن ذا عاهة ، ولأنّ الغالب في الحياة الدنيا وأسباب البقاء أن يبقى إسماعيل بعد أبيه عليهالسلام ، فبدا وظهر بموت إسماعيل أنّ الإمام هو الكاظم عليهالسلام لأنّ عبد الله كان ذا عاهة ، فظهر لله وبدا للناس ما هو في علمه المكنون ، وكذا في موت محمد بن الهادي عليهالسلام حيث ظهر للشيعة أنّ الإمام بعد الهادي عليهالسلام هو الحسن العسكري عليهالسلام وهذا الظهور للشيعة هو الأمر الذي أحدثه الله بموت محمد (رض) كما قال الهادي للعسكري عليهماالسلام عند موت محمد : «أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا» فالإمامة ثابتة للكاظم عليهالسلام والعسكري عليهالسلام منذ الأزل ، وقد جاء في الأحاديث ، البالغة حدّ التواتر أو ما يقاربه عن النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام ممّن هو قبل الكاظم والعسكري عليهماالسلام ، ما يتضمّن النص على إمامتهما في جملة الأئمة عليهمالسلام (١).
قال الشيخ الأعظم معلّم الأمّة الشيخ المفيد (ره) : وأمّا الرواية عن أبي عبد اللهعليهالسلام من قوله : ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ، فإنّها على غير ما توهّموه من البداء في الإمامة ، وإنّما معناها ما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : إنّ الله تعالى كتب القتل على ابني إسماعيل مرّتين ، فسألته فيه فعفا عن ذلك ، فما بدا له في شيء كما بدا له في إسماعيل ، يعني به ما ذكره من القتل الذي كان مكتوبا فصرفه عنه بمسألة أبي عبد الله عليهالسلام.
وأمّا الإمامة فإنّها لا يوصف الله فيها بالبداء ، وعلى ذلك إجماع فقهاء الإمامية ، ومعهم فيه أثر عنهم عليهمالسلام أنّهم قالوا : مهما بدا لله في شيء فلا يبدو له في نقل نبيّ عن نبوّته ولا إمام عن إمامته ولا مؤمن قد أخذ عهده بالإيمان عن إيمانه ، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه فقد بطل أيضا هذا الفصل الذي اعتمدوه وجعلوه ـ يعني الإسماعيلية ـ دلالة على نصّ أبي عبد الله عليهالسلام على إسماعيل (٢).
__________________
(١) نفائس المخطوطات ، المجموعة الرابعة ، ص ٨٠ ، طبعة بغداد.
(٢) الفصول المختارة ، ج ٢ ، ص ١٠٢ ، طبعة النجف.