ويصح أن يقال : إنّه يعلم به موجودا بعد وجوده وظهوره له ، نظير ما ذكره في قوله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) الآية ، ثمّ نقول : إنّ النزاع في مسألة البداء بين الإمامية وبين غيرهم لفظي ؛ فإنّ المسلمين كافة يقولون ويذعنون بمفاد قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) الآية، وقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) الآية ، وقوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) الآية ، ولا معنى للبداء الذي يقول به الإمامية إلّا معاني هذه الآيات الكريمة ، ولا يمكن لمسلم أن ينكر مفادها ومعانيها ، فليس التحامل من الإمام الرازي وغيره على الإمامية في قولهم بالبداء إلّا من باب التعصّب البغيض ومن عمى البصيرة أو من عدم فهم هذه المسألة العويصة المشكلة أو من عدم درك الموضوع وفهمه وحمله على المعنى اللغوي في لفظ البداء ، كما لم يفهم سليمان بن جرير وتفوّه بالقول الشائن الذي نقله المصنّف(ره).
نعم الظاهر كما قلنا أنّ النزاع لفظي عند التحقيق لا علاقة له بواقع الأمر ، ولا نزاع حقيقي في البين ، وقد التبس الأمر على جمع كثير من أمثال الرازي والبلخي وغيرهما في تفسيريهما في مناقشة الإمامية في رأيهم الموافق للآيات الكريمة القرآنية ، وألجأ أعلام الشيعة الإمامية منذ العصور الإسلامية الأولى إلى اليوم للدفاع والردّ على تلك المناقشات ، فراجع الذريعة لشيخنا البحّاث قدسسره حتّى تجد مؤلّفات كثيرة في هذا الموضوع ، مضافا إلى مؤلّفات كثيرة قد تعرض مؤلّفوها في تضاعيفها لهذه المسألة المهمّة.
وللشيخ العلّامة الأكبر الشيخ البلاغي النجفي قدسسره رسالة لطيفة موجزة في هذه المسألة مطبوعة في ضمن الرسائل النفيسة المنتشرة في مجموعة «نفائس المخطوطات» جزى الله تعالى ناشرها الفاضل الجليل خير الجزاء ، وهي كما قال الناشر الفاضل من أفضل الرسائل التي ألّفت في هذا الموضوع ؛ لأنّها كتبت بأسلوب واضح جليّ وبنيت على استدلال جميل ظاهر ، ذكر العلّامة البلاغي قدسسره موضوع البداء في حقّ إسماعيل رضوان الله عليه بما هذا لفظه : قد كان الناس يحسبون أنّ إسماعيل بن الصادق عليهالسلام هو الإمام بعد أبيه ، لما علموه من أنّ الإمامة