يزيد ، وضمّ هو لذلك حكومة العراقين الكوفة والبصرة معا وأعطاها إلى ابن زياد ليقاتل الحسين عليهالسلام (١).
يظهر من عمله هذا الذي ذكره جمع من أرباب الكتب المعتبرة أنّه كان يمهّد الأمر في واقعة كربلاء من زمن معاوية ، فإنّه من أين علم أنّ يزيد سوف يحتاج إلى مثل ابن زياد؟ وأخذ قبل موت معاوية عهدا منه إلى ابنه يزيد في ضمّ العراقين وتفويض حكومتهما إلى ابن زياد لكفاءته في الحرب مع الحسين عليهالسلام.
وكتب أسقف نجران إلى معاوية يستعينه في بناء كنيسة فأرسل إليه بمائتي ألف درهم من بيت مال المسلمين ، وأرسل معاوية بصور أصنام من ذهب وفضة ونحاس وبخمر إلى أرض الهند يباع هنالك ممّن يعبد الأصنام ، وأرسلها في سفينة فمرّت السفينة في البحر بموضع فيه مسروق فأخبر بذلك ، فقال : لو علمت أنّ معاوية إنّما يقتلني لغرقت هذه السفينة ولكنّي أخاف أن يعذّبني فيفتنني في دين الله ، وما أدري أيّ الرجلين معاوية أرجل يئس من رحمة الله فهو لا يبالي ما صنع؟ أم رجل زيّن له سوء عمله فرآه حسنا؟
وكان معاوية سبب إدخال الغناء إلى أرض العرب ، وإنّما كان الغناء عند العرب غناء الركبان فأرسل معاوية إلى أرض فارس ، فأتي برجلين يجيدان الغناء الخسرواني ، وأظهروا أنّهما بنّاءان ، وكان حينئذ يبني بناء له فغنّيا ، وانتشر هذا الغناء الخسرواني عنهما.
وعن المسيّب وغيره من جلة التابعين أنّ معاوية مرض مرضه الذي مات فيه واشتد به الأمر ، قال لطبيب كان يعالجه : ويحك ما أرى أمرا إلّا يتزايد بي ، فهل بقيت عندك من حيلة؟ قال : لا والله ، إلّا أنّ عندنا صليبا من ذهب ما علّقه عليه مريض إلّا برئ قال : فجئني به فأتاه به فعلّقه في عنقه ، فمات وهو معلّق في عنقه.
وأنّه لما مات انزوى ما بين عينيه فصار ذلك الانزواء كتابا كافرا لا يراه أحد إلّا قرأه :
__________________
(١) كتاب التدوين ، ص ٢٠ ، طبعة سنة ١٣١١ ـ إيران.