هديه ، وثبت على إحرامه مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى فرغا من الحج ونحر رسول الله صلىاللهعليهوآله الهدي عنهما (١).
وفي قوله : وكانوا قد صالحوا رسول الله ، وإنّما بعث عليا ... الخ ما لا يخفى من التمويه ، وهو غير خفي على حملة التاريخ الصحيح ، وقد حبسنا القلم عن توضيحه خوف الإطالة. والجدير بالذكر هنا بل لا بدّ من التنبيه عليه ، هو أنّه يظهر من ابن كثير (٢) ومن تاريخ دمشق للمؤرخ الكبير ابن عساكر أنّ الشكوى إنّما وقعت في المدينة بعد قفول رسول الله صلىاللهعليهوآله من مكّة وبعد واقعة الغدير ، فإنّهما رويا بإسنادهما إلى أبي سعيد الخدري أنّه قال : إنّ عليا عليهالسلام قضى حجّته وقال له النبي صلىاللهعليهوآله : ارجع إلى أصحابك ... وقال : فلمّا قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ... فعلى هذا النقل كيف يكون سبب واقعة الغدير هو ما ادّعاه واختلقه ابن كثير وأمثاله ، فإن كان وقعت الشكوى في مكة فلا تقع في المدينة أيضا من أبي سعيد وغيره بعد قول رسول الله صلىاللهعليهوآله في مكة : أيّها الناس لا تشكوا عليا ... فإنّ بعد إعلام رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تشكوا عليا ... كيف يتصوّر أن تصدر الشكوى من أبي سعيد وعمرو بن شاس الأسلمي في المدينة ، فيظهر من ذلك أنّ ما نقله ابن إسحاق عن أبي سعيد كما نقلناه من قوله : فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله فينا خطيبا ... كان ذلك في المدينة بعد أن قفل رسول الله صلىاللهعليهوآله من مكة وبعد واقعة الغدير ، فلا تكون الشكوى سببا لها ، فظهر بطلان ما تخيّله صاحب مختصر التحفة وابن كثير من السبب ، والحمد لله تعالى ، راجع ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام من تاريخ دمشق لابن عساكر (٣) ، جزى الله تعالى الشيخ المحقّق المحمودي خير الجزاء فإنّه نشر هذا الأثر الخالد.
ص ٣٣٩ س ٧ : «ولأنّ عليّا عليهالسلام احتجّ به على الصحابة ...».
احتجّ أمير المؤمنين عليهالسلام بحديث الغدير في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد وفاته ، وهو
__________________
(١) سيرة ابن هشام ، ج ٤ ، ص ٢٧٤.
(٢) تاريخ ابن كثير ، ج ٥ ، ص ١٠٥ وج ٧ ، ص ٣٤٦.
(٣) تاريخ دمشق ، ج ١ ، ص ٣٨٧ ، طبعة بيروت سنة ١٣٩٥.