قبل إتمام رسول الله صلىاللهعليهوآله مناسك الحجّ ، وأمّا خطبة الغدير فكانت في الثامن عشر من ذي الحجّة بعد منصرفه منها راجعا إلى المدينة.
قال في السيرة : قال محمد بن إسحاق : ثمّ ذكر بإسناده إلى أبي سعيد الخدري قال : اشتكى الناس عليا رضوان الله عليه ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله فينا خطيبا فسمعته يقول : «أيّها الناس ، لا تشكوا عليا ، فو الله إنّه لأخشن في ذات الله» أو «في سبيل الله ـ من أن يشكى». قال ابن إسحاق : ثمّ مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله على حجّه فأرى مناسكهم ، وأعلمهم سنن حجّهم ، وخطب الناس خطبته التي بيّن فيها ما بيّن ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أيّها الناس اسمعوا قولي ... إلى آخر ما ذكره من الخطبة التي نقلها أهل السنة مختصرا والشيعة تفصيلا (١).
فصريح كلام محمد بن إسحاق : أنّ الخطبة التي خطبها رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد شكوى الجيش إنّما كانت في مكّة قبل إعلام المناسك ، وأمّا خطبة الغدير فقد كانت في غدير خمّ في الثامن عشر من ذي الحجّة ، فأين هذه من ذاك؟. وغير خفي على الفطن الباحث الحرّ أنّ في كلام ابن كثير الذي نقلناه أكذوبة أخرى كسائر أكاذيبه وتمويهاته ومخازيه ، أعني قوله كما نقلناه : إنّ عليا سبقهم لأجل الحجّ ، وساق معه هديا وأهلّ بإهلال النبيصلىاللهعليهوآله ... فإنّ الظاهر من كلامه أنّ عليا أمير المؤمنين سلام الله عليه ساق معه هديا مع أنّه عليهالسلام لم يسق الهدي بل أشركه رسول الله صلىاللهعليهوآله في هديه.
قال ابن هشام في السيرة : ثمّ أتى ـ يعنى أمير المؤمنين عليهالسلام ـ رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما فرغ من الخبر عن سفره قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : انطلق فطف بالبيت ، وحلّ كما حلّ أصحابك. قال : يا رسول الله إنّي أهللت كما أهللت ، فقال : ارجع فاحلل كما حلّ أصحابك. قال : يا رسول الله إنّي قلت حين أحرمت : اللهمّ إنّي أهلّ بما أهلّ به نبيّك وعبدك ورسولك محمد صلىاللهعليهوآله ، قال : فهل معك هدي؟ قال : لا ، فأشركه رسول اللهصلىاللهعليهوآله في
__________________
(١) انظر الاحتجاج ، ص ٦٦ ـ ٨٤ ، طبعة النجف ؛ سيرة ابن هشام ، ج ٤ ، ص ٢٧٥ ، طبعة مطبعة حجازي ـ القاهرة.