ص ٣٣٩ س ٦ : «واقعة زيد».
هو زيد بن حارثة الكلبي ، وقد أخذ الراية في مؤتة فأصيب ، ثمّ أخذها جعفر (رض) فأصيب ، ثمّ أخذها ابن رواحة فأصيب. وأخبر ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه يوم حرب أهل الإسلام فيها. والواقعة التي أشار إليها المصنّف (ره) هو ما ادّعاه إسحاق بن إبراهيم ، وهو من الأربعين رجلا كلهم من الفقهاء حضروا عند المأمون العبّاسي مع يحيى بن أكثم قاضي القضاة ، وقد أحضرهم المأمون واحتجّ عليهم ، في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام وأنّه خير خلق الله بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وأولى الناس بالخلافة ، ونقل الواقعة أحمد بن محمد بن عبد ربّه الأندلسي في كتابه المشهور : العقد الفريد.
ولقد أحسن المأمون في مناظرته مع الفقهاء وقال : يا إسحاق هل تروي الولاية؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين قال : أروه ففعلت ، قال : يا إسحاق : أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت : إنّ الناس ذكروا أنّ الحديث إنّما كان بسبب زيد بن حارثة لشيء جرى بينه وبين علي وأنكر ولاء علي ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. قال : وفي أيّ موضع قال هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجّة الوداع؟ قلت : أجل ، قال : فإن قتل زيد بن حارثة قبل الغدير كيف رضيت لنفسك بهذا؟ (١).
قلت : غير خفيّ أنّ مأمون الرشيد من خلفاء أهل السنة ، وهم يعتقدون أنّه من أولي الأمر الذين يجب عليهم طاعتهم ، وقد اعترف بصحّة حديث الغدير واحتجّ به على أربعين رجلا من فقهاء أهل السنة وأثبت ولاية أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، فيجب عليهم قبول قوله.
ولمّا اتّضح بطلان واقعة زيد بن حارثة فاختلقوا واقعة أخرى ، وذكروا أكذوبة ثانية على ما ذكره الآلوسي البغدادي في مختصر التحفة الاثنا عشرية المطبوع بتحقيق المتعصّب العنيد محيي الدين الخطيب ، من سبب خطبة يوم الغدير :
__________________
(١) العقد الفريد ، ج ٥ ، ص ٩٩ ، طبعة سنة ١٣٦٥.