عليه باجتهادهم وآرائهم.
وخلاصة القول : أنّ أمر الخلافة ما أحيل إلى الآراء والأهواء إلّا وأوجب مفاسد عظيمة ، وفتنا كبيرة ، لا سيما إذا كانت تلك الآراء مقترنة بإعمال القوة والإرهاب ، مستمدّة من السلطة والشوكة الزمنية. فمن يكون حينئذ حافظا للدين عن التبديل والتغيير؟ وعلى من تكون التبعة في التضييع والتفويت؟ أعلى الله أم على رسوله صلىاللهعليهوآله أم على الأمّة؟
فإن قلت : على الله وعلى رسوله صلىاللهعليهوآله ، فقد لزمك القول بأنّ تعيين الخليفة والإمام عليهما لا محالة.
وإن قلت : على الأمّة ، فقد اعترفت بقصورها عن إدراك الحقّ ، ووقوعها في الضلالة ، وذلك يسلب الاعتماد عليها في إناطة اختيار الخليفة إليها ؛ ولذا تجد الأمّة افترقت بعد النبي صلىاللهعليهوآله إلى ثلاث وسبعين فرقة ، كلّهم هالكون وواحدة منها ناجية فقط ، انتهى.
فأنت أيّها القارئ الكريم بعد أن عرفت ما تلوناه عليك تعرف أنّا نقول نحن ـ معاشر الشيعة ـ : إنّا لا نشكّ أنّ نبيّ الرحمة ورسول الحكمة صلىاللهعليهوآله عمل بما وافق العقل والنقل ، وأوضح سبيل الرشد ولم يترك الناس سدى ، وهو يعلم أنّ الشريعة الخالدة الأبدية هي أحوج إلى تعيين الخليفة ، فأعلن بتعيين الوصي والقيم الديني بإرجاع الأمّة إلى باب مدينة علمه عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام وإلى الأئمّة الطاهرين من عترته المعصومين عليهمالسلام وإن أبت عن قبوله النفوس وأعرض عنه المتعصّبون ، وتركوا وصيّ الرسول كما ترك بنو إسرائيل هارون ، ومثل ذلك لا يضرّ بالحقّ. قال الله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور معه حيثما دار» (١) انظر تاريخ دمشق ترجمة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام لابن عساكر وغيره من المصادر.
__________________
(١) تاريخ دمشق لابن عساكر ، ج ٣ ، ص ١١٧ ، طبعة بيروت.