ص ٣٣٤ س ٨ : «وهو نصب إمام».
قال الشيخ الرئيس أبو علي سينا (ره) في كتابه الشفاء في بيان الاحتياج إلى النبيصلىاللهعليهوآله : فالحاجة إلى هذا الإنسان ... أشدّ من الحاجة إلى إنبات الشعر على الأشفار.
قلت : ولما كان الاحتياج إلى الإمام عليهالسلام كالاحتياج إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ولا فرق بينهما إلّا في النبوّة ، فالاحتياج إلى الإمام أشدّ من الحاجة إلى إنبات الشعر على الأشفار.
فنقول : لمّا رحل رسول الله صلىاللهعليهوآله من الدنيا ، فإن لم يعيّن الإمام بعده والناس أحوج إليه من كل شيء ولم ينصّ على وصيه ، فالدين الاسلامي لم يكمل بل هو ناقص لترك النبيصلىاللهعليهوآله هذا الأمر الأهمّ مع أنّ الله تعالى يقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١) فإن رحل رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يعيّن الإمام ، فكيف تمّت النعمة على الأمة؟ وكيف يصحّ أن يخاطبهم الله تعالى بقوله : (أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) وكيف أكمل لهم الدين؟ فهل رحل رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يعيّن قائدا لأمته؟ فهل بيّن الأحكام الجزئية كوظائف الاستنجاء كما أشار إليه المصنّف (ره) ، ولكن لم ينصّ على خليفته بعد رحلته مع وجود المنافقين بين أصحابه كما صرّح به القرآن الكريم؟ فهل مع وجودهم أهمل موضوع الإمامة حتّى تكون أمور الدين بعد وفاته صلىاللهعليهوآله فوضى ، ويكون هذا الأمر الديني جولة للمنافقين بل لعبة لهم في إيجاد الاختلاف بين الأمّة؟ فهل ترك رسول اللهصلىاللهعليهوآله الأمّة حيارى لا تدري تكليفها في مسألة الوصاية بعد النبي صلىاللهعليهوآله؟ وهل العنايات الإلهية انقطعت؟ وهل الفيض من الفيّاض على الإطلاق صار مقطوعا؟. فهل الله تعالى ـ العياذ بالله ـ شاء أن ينتشر الفساد والهرج بعد النبي صلىاللهعليهوآله بين الأمّة الإسلامية حتّى يعمّ البلاد والعباد؟ فهل الناس على حسب جبلّتهم الأصلية استغنوا عن المصالح النوعية ولم يحتاجوا إلى الشخص الذي يقرّبهم إلى الطاعة ويبعدهم عن المعصية؟
وعلى فرض أن الناس تفطّنوا على مقدار من المصالح والمفاسد في اجتماعهم ،
__________________
(١) المائدة ٥ : ٣.