(لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١) تقييدا لإطلاق قول إبراهيم عليهالسلام : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) فيفيد جواز صدور المعصية غير الكفر من الإمام.
قلنا : شأن الإمام ووصفه الهداية على ما صرّح به تعالى في قوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (٢). وقوله : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (٣). والهدى يلازم الرشد كما أنّ الهداية تلازم الإرشاد ، والرشد وهو إصابة الواقع يقابل الغي كما قال تعالى : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) والغيّ لازم المعصية التي هي اتّباع الشهوات واتّباع الشيطان كما قال تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (٤). وقال خطابا للشيطان : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (٥)
فالذي لا يجامع الإمامة التي تلازمها الهداية هو الظلم بمعنى مطلق المعصية ، دون الظلم بمعنى الكفر فقط ، فلا محيص عن كون الظلم في الآية بمعنى مطلق المعصية ، وإلّا لزم صلاحية الغوي بما هو غوي للهداية بمعنى الإيصال إلى المطلوب ، فإنّ الهداية بهذا المعنى هي المراد من هداية الإمام ، وإلّا فإبراهيم عليهالسلام كان نبيا رسولا من أولي العزم صاحب شريعة وكتاب هاديا بمعنى إراءة الطريق قبل الإمامة ، انتهى.
والتقريب الذي نقله دام ظلّه فيما كتبه إلينا بخطّه الشريف عن بعض أساتيذه رضوان الله عليه في الاستدلال بالآية الشريفة على عصمة الإمام كما سمعت فقد نقله في أثره الخالد(٦). نسأل الله تعالى أن يديم في عمره ، ونفعنا وجميع الأمّة بعلومه الجمّة بحقّ النبي وعترته الطاهرة سلام الله عليهم.
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٢٤.
(٢) الأنبياء ٢١ : ٧٣.
(٣) السجدة ٣٢ : ٢٤.
(٤) مريم ١٩ : ٥٩.
(٥) الحجر ١٥ : ٤٢.
(٦) الميزان ، ج ١ ، ص ٢٧٧ ، طبعة طهران.