هو محمد بن الحنفية ، وهو مقيم في رضوى فإنّه المهدي ليس هو محمد رضوان الله عليه ولا هو مقيم في رضوى ، وقد انقرضت الكيسانية ولم يبق منهم أحد ، فإن كانوا حقّا لم ينقرضوا قطعا.
وأمّا ما في دعاء الندبة : «أبرضوى أو غيرها أم ذي طوى» فبقرينة ما قبل هذه الفقرات وبعدها يظهر ظهورا واضحا جليّا لا شكّ فيه ، أنّه ليس المراد منه الإشارة إلى محمّد بن الحنفية كما قد يتوهّم ، بل المراد الإشارة إلى بقية الله في العالمين الحجّة بن الحسن العسكري أرواحنا فداه ؛ فإنّه لم يكن محمد (رض) ابن النبي المصطفى صلىاللهعليهوآله الذي دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى دنوّا واقترابا من العليّ الأعلى. ولم يكن ابن خديجة الغرّاء وفاطمة الزهراء عليهاالسلام ، والمراد الإشارة إلى عدم تعيين محلّ للحجّة المنتظر أرواحنا فداه ، وأنّه ليس له مكان خاصّ يقيم فيه والقرينة المتّصلة «أم ذي طوى» أصدق شاهد على ذلك ؛ فإنّ الكيسانية لم يقولوا : إنّ محمدا (رض) مقيم في «ذي طوى» ونظرا إلى أنّ «رضوى» و «ذي طوى» من الأماكن المقدّسة.
ويمكن أن يكون «المهدي سلام الله عليه» في بعض الأوقات فيهما ، كما يكون في سائر الأماكن المقدّسة من النجف الأشرف وكربلاء والكوفة والسهلة وغيرها ، ولذا يقول : «ليت شعري أين استقرّت بك النوى بل أيّ أرض تقلّك أو ثرى أبرضوى ...» الخ ، أين هذا من عقيدة الكيسانية : أنّ محمدا (رض) مقيم في رضوى فقط لا في محلّ آخر.
وأمّا كون «رضوى» من الأماكن المقدّسة فيدلّ عليه ما سمعت عن الحموي في معجم البلدان. وما رواه الشيخ في كتاب الغيبة بإسناده عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : خرجت مع أبي عبد الله عليهالسلام ، فلمّا نزلنا الروحاء نظر إلى جبلها مطلّا عليها فقال لي : ترى هذا الجبل؟ هذا جبل يدعى رضوى ... أما أنّ لصاحب هذا الأمر فيه غيبتين ؛ قصيرة والأخرى طويلة (١).
__________________
(١) كتاب الغيبة ، ص ١٠٣ ، طبعة النجف.