الرابع : قوله : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) (١) عقيب قول النمرود (٢) : أنا أحيي وأميت ، وذلك يدلّ على انقطاعه عن الحجّة.
والجواب : أنّه انتقال من مثال إلى مثال ؛ لاشتراكهما في الدليل وهو صدور غير المقدور منّا ، وأنّه منزل (٣) في المنع كما تقول في الجدل : سلمنا أنّه كذا فرضا وتقديرا.
الخامس : قوله : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) ـ إلى قوله ـ (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (٤) وهو يدلّ على شكّه في الإحياء.
والجواب : أنّه دليل على صدق جبرائيل عليهالسلام وأنّه ملك لا شيطان ، أو كما قال جعفر بن محمّد عليهماالسلام : إنّ الله أوحى إليّ اتّخذ خليلا وعلامته أنّي أحيي الموتى (٥) بدعائه وسؤاله ، فلمّا ظهر من إبراهيم عليهالسلام صنوف الطاعات ، وقع في قلبه أنّه ذلك الخليل وطلب الإجابة للطمأنينة على ذلك ، أو أنّه لتعاضد الأدلّة فإنّه عرف ذلك عقلا وأراد وقوعه حسّا.
السادس : أنّه استغفر لأبيه الكافر ، والاستغفار للكافر حرام ؛ لقوله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) (٦).
والجواب : لا يلزم من تحريمه عندنا تحريمه في شرعه أو أنّه (٧) رجا إيمانه فلمّا آيس منه تبرّأ منه (٨).
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٥٨.
(٢) جبار من جبابرة الدنيا ادعى الألوهية انظر إلى «لغت نامه» و (فرهنك آنندراج).
(٣) ينزل ـ خ : (آ).
(٤) البقرة ٢ : ٢٦٠.
(٥) الموتى ـ خ : (د).
(٦) التوبة ٩ : ١١٣.
(٧) لا أو أنّه ـ خ : (د) والظاهر أنّ لفظ «لا» زائد ، والصحيح ما أثبتناه من ـ خ : (آ).
(٨) من التدبّر في هذه الآية وغيرها من الآيات القرآنية قالت الإمامية رضوان الله عليهم : إنّ «آزر» كان عمّ إبراهيم عليهالسلام لا أبيه لصلبه قال الله تعالى : («ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) التوبة ٩ : ١١٣. (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) التوبة ٩ : ١١٤.