الأوّل : قوله : (هذا رَبِّي) ثلاث مرّات ، وهو كلام غير مطابق فيكون خطأ مع أنّ فيه اعتراف بألوهية الكواكب ، وهو كفر بالإجماع.
الجواب : أنّه ذكر على سبيل الفرض ليبطله ، كما يقول المجادل لخصمه : الجسم قديم ثمّ يقول : لو كان قديما لم يكن متغيّرا ، أو أنّه استفهام على سبيل الإنكار ، وأسقط حرف الاستفهام ، وهو كثير شائع ، أو القول مضمر فيه تقديره يقولون : هذا ربّي.
الثاني : أنّه قال : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) (١) وهو كذب ؛ لأنّه هو الذي كسّرهم لا الصنم الكبير.
والجواب : أنّه عنى نفسه أو أنّه استهزاء بهم ، أو إنّما نسبه إليه مجازا ؛ لأنّه السبب الحامل له على ذلك لشدّة غيظه (٢) من تعظيمهم له ، أو أنّه مشروط بنطقهم ؛ لقوله : (إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ونطقهم محال ، فالمعلّق عليه محال أيضا ، وقصده بذلك تعنيفهم على عبادة من لا يسمع ولا يقدر.
الثالث : قوله : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (٣) والنظر في النجوم حرام ، وقوله : إنّي سقيم كذب.
والجواب : أنّ النظر فيها ليس بحرام مطلقا بل اعتقادا لتأثيرها ، وأمّا الاستدلال بها على الصانع فلا ، بل ذلك من أعظم الطاعات ، أو أنّه كان به علّة تأتيه في أوقات مخصوصة يعرفها بالنجوم ، فلمّا دعوه إلى الخروج نظر إلى النجوم ليعرف وقت قربها وعدمه ، وعليه يخرج جواب الثاني ، وعبّر عن الإشراف على الشيء بحصوله ، على أنّا نقول : لم لا يجوز أنّه كان سقيما في الحال ، أو نقول : إنّه كان سقيم القلب حزنا وهمّا ؛ لمّا رأى إصرارهم على عبادة الأصنام عند نظره في النجوم وإظهاره لهم أنّها مخلوقة مدبّرة.
__________________
(١) الأنبياء ٢١ : ٦٣.
(٢) غضبه ـ خ ل ـ خ : (د).
(٣) الصافات ٣٧ : ٨٩.