هو السؤال ، إذ لا ثالث يحتمل عود الضمير إليه.
والجواب عن الأوّل : أنّ المراد ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم ؛ بدليل ف (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) فاستثنى سبحانه من أهله من أراد هلاكه (١) فأخبره أنّه منهم فلا يكون مناقضا ، إذ اتّحاد المحمول شرط (٢).
أو أنّه ليس على دينك ، لا نفي أهلية النسب التي هي مرادة لنوح ، والذي على دين الشخص وطريقته يقال : إنّه من أهله ، كقوله عليهالسلام : سلمان منّا أهل البيت.
وعن الثاني : أنّ الأوّل ليس فيه دلالة على محذور ؛ لأنّه جاز أن يكون عليهالسلام نهي عن سؤال ما ليس له به علم وإن لم يقع منه ، وأن يكون قد تعوّذ من ذلك وإن لم يقع ، كما أنّ نبينا صلىاللهعليهوآله نهي عن الشرك لقوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٣) مع امتناع الشرك منه عليهالسلام ، أو أنّه دعا له بشرط الإيمان والمصلحة فلمّا تبيّن له ضدّ ذلك لم يكن خارجا عما تضمّنه السؤال ، وقوله : (إِنِّي أَعِظُكَ) الوعظ الدعاء إلى الحسن والزجر عن القبيح ترغيبا وترهيبا ، وأن يكون تقدير الكلام : لئلّا يكون منهم ، ولا شكّ أنّ وعظه تعالى صارف عن الجهل وزاجر عنه ، وقوله : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي) تخشّع واستكانة له تعالى.
وأمّا الثاني : فلم لا يجوز عود الضمير إلى الولد جمعا بين القراءتين ؛ فإنّ الكسائي قرأ (عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) بصيغة الفعل الماضي ، وهو راجع إلى الابن ، ويكون تقدير قراءة الرفع : إنّه ذو عمل غير صالح فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهو كثير شائع فصيح.
الثالثة : قصة إبراهيم عليهالسلام ، وفيها وجوه :
__________________
(١) إهلاكه ـ خ : (آ).
(٢) يعني شرط في تناقض الوحدات الثمانية بل التسعة وفي ـ خ : (آ) الموضوع.
(٣) الزمر ـ آية : ـ ٦٥ ـ بناء على أنّ الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولكنّ الحقّ أنّ أكثر خطابات القرآن الكريم لرسول الله صلىاللهعليهوآله من باب التعظيم والإجلال ، والمراد في الحقيقة هو الأمة والإفهام لهم ، وعلى ما ادّعيناه من الآيات القرآنية شواهد.