وأجاب على ما اعترض عليه من إتمامه الصلاة بمنى عند ما حجّ بالناس : «أنّ هذه ، مسألة اجتهاديّة فالاعتراض بها جهل وقبح وغباوة ظاهرة إذ أكثر العلماء على أنّ القصر جائز لا واجب» (١).
و ـ المجتهدة أمّ المؤمنين عائشة (رض)
قال ابن تيميّة في جوابه على اعتراض العلّامة (٢) عليها : «وأمّا قوله وخالفت أمر الله في قوله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) ، فهي رضي الله عنها لم تتبرّج تبرّج الجاهليّة الأولى والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة ...»
«وإذا كان سفرهنّ لمصلحة جائزا لعائشة ، اعتقدت أنّ ذلك السفر مصلحة للمسلمين فتأوّلت في هذا».
«والمجتهد المخطئ مغفور له خطأه».
«فالمغفرة لعائشة لكونها لم تقرّ في بيتها إذ كانت مجتهدة أولى».
«وبهذا يجاب عن خروج عائشة ـ رضي الله عنها ـ وإذا كان المجتهد مخطئا فالخطأ مغفور بالكتاب والسّنّة» (٣).
وقال القرطبي في الاعتذار عنها «مجتهدة ، مصيبة ، مثابة في ما تأوّلت ، مأجورة في ما فعلت ، إذ كلّ مجتهد في الأحكام مصيب» (٤).
ز ـ الفقيه المجتهد الذي لا يبارى والحبر الذي لا يجارى (٥) معاوية بن أبي سفيان
ح ـ وزيره عمرو بن العاص
قال ابن حزم في فصله ما موجزه : «انّ معاوية ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا» (٦).
__________________
(١) المصدر السابق ص ١١٣.
(٢) العلامة أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (٦٤٧ ـ ٧٢٦ ه) من مؤلفاته منهاج الكرامة وهو الذي ردّ عليه ابن تيمية وسمّاه بمنهاج السنّة ورجعنا في بحثنا هذا إلى ط. الأميرية بمصر عام ١٣٢٢ ه.
(٣) منهاج السنة لابن تيمية ج ٣ / ١٩٠.
(٤) تفسير القرطبي ج ١٤ / ١٨٢ بتفسير الآية «ولا تبرّجن».
(٥) هكذا وصفه ابن حجر الهيتمي في تطهير لسانه ص ٢٢.
(٦) الفصل في الملل والأهواء والنحل ، تصنيف أبي محمد علي بن حزم الأندلسي الظاهري (ت / ٤٥٦ ه) ط ، مصر أحمد ناجي الجمالي ومحمد أمين الخانجي سنة ١٣٢١ ه ، وبهامشه الملل والنحل للشهرستاني. راجع الفصل ٤ / ١٦١.