خلاصة الروايات السابقة :
خلاصة ما يستفاد من الروايات السابقة ، أن رسول الله (ص) أمر بدفع الخمس من كلّ ما يستخرج من الأرض من ذهب وفضة سواء كان كنزا أو معدنا وكلاهما ليسا من غنائم الحرب ، كما زعموا أنّها ـ اى غنائم الحر ب ـ هي المقصود من «غنمتم» ، في الآية الكريمة ، وانما تدل تلكم الأحاديث على ما برهنّا عليه أن ما «غنمتم» قصد به في التشريع الاسلامى «ما ظفر به من جهة العدى وغيرهم» فثبت من جميع ما سبق أنّ الخمس لا يخصّ غنائم الحرب وحدها في الإسلام ، وكذلك استفاد الفقهاء من تلكم الروايات مثل القاضي أبي يوسف في كتاب الخراج (١) ، فإنّه استنبط من الروايات حكم وجوب أداء الخمس من غير غنائم الحرب.
قال أبو يوسف : في كل ما أصيب من المعادن ـ من قليل أو كثير ـ الخمس ، ولو أن رجلا اصاب في معدن أقلّ من وزن مائتى درهم فضة او اقلّ من وزن عشرين ذهبا ، فإنّ فيه الخمس. ليس هذا موضع الزكاة (٢) ، إنّما هو على موضع الغنائم ، وليس في تراب ذلك شيء إنّما الخمس في الذهب الخالص ، والفضّة الخالصة ، والحديد ، والنحاس والرصاص ، ولا يحسب لمن استخرج ذلك من نفقته عليه شيء ، قد تكون النفقة تستغرق ذلك كلّه ، فلا يجب إذن فيه خمس عليه ، وفيه الخمس حين يفرغ من تصفيته قليلا كان أو كثيرا ، ولا يحسب له من نفقته شيء من ذلك ، وما استخرج من المعادن سوى ذلك من الحجارة ـ مثل الياقوت والفيروزج والكحل والزئبق والكبريت والمغرة ـ فلا خمس في شيء (٣) من ذلك إنما ذلك كلّه بمنزلة الطين والتراب.
قال : ولو انّ الّذي أصاب شيئا من الذهب أو الفضة أو الحديد أو الرصاص أو النحاس ، كان عليه دين فادح لم يبطل ذلك الخمس عنه. ألا ترى لو أن جندا من الأجناد ، أصابوا غنيمة من أهل الحرب ، خمست ولم ينظر أعليهم دين أم لا. ولو كان عليهم دين ، لم يمنع ذلك من الخمس.
قال : وأمّا الركاز فهو الذهب والفضّة الّذي خلقه الله عزوجل في الأرض يوم خلقت ، فيه أيضا الخمس ، فمن أصاب كنزا عاديا في غير ملك أحد فيه ذهب أو فضة
__________________
(١) الخراج ص ٢٥ ـ ٢٧.
(٢) قصد بالزكاة هنا ما يقابل الخمس أي الصدقة.
(٣) هذا يخالف عموم آية الخمس ويخالف ما في فقه أئمة اهل البيت عليهمالسلام.