على المشهور منها يوم ذاك عندهم ، أعني الظفر بمال العدى خاصّة.
ويتضح ممّا ذكرنا أنّا إذا وجدنا إحدى مشتقات هذه المادّة مستعملة في الحديث وغيره بعد تشريع الخمس منذ عصر الرسول وحتّى عصر الصحابة ، فلا بدّ أن نحملها على أحد معنيين إمّا اللغويّ «الفوز بالشيء بلا مشقة» ، وإمّا الشرعي «الظفر بالشيء من جهة العدى وغيرهم» فينبغي والحالة هذه أن نبحث عند ذاك عن قرينة تدلّ على المقصود.
وفي استقرائنا لموارد استعمال هذه الكلمة في ذلك العصر غالبا ما وجدناها مصحوبة بقرينة حاليّة أو مقاليّة تدلّ على المعنى الشرعي ، مع وجود موارد كثيرة استعملت فيها في معناها اللغوي دون ما قرينة.
٧ ـ الخمس
الخمس في اللغة : أخذ واحد من خمسة ، وخمست القوم : أخذت خمس أموالهم.
أمّا معناه الشرعي فينبغي لدركه أن نرجع أوّلا إلى عرف العرب في العصر الجاهلي لمعرفة نظامهم الاجتماعي يوم ذاك في هذا الخصوص ، ثمّ نعود إلى التشريع الإسلامي لندرس الخمس فيه ، وندرس أمره بعد ذلك لدى المسلمين بالتفصيل إن شاء الله تعالى. فإلى دراستهما في ما يلي :
أولا : في العصر الجاهلي
كان الرئيس عند العرب يأخذ في الجاهليّة ربع الغنيمة ، ويقال : ربع القوم يربعهم ربعا أي أخذ ربع أموالهم ، وربع الجيش أي أخذ منهم ربع الغنيمة ، ويقال للربع الّذي يأخذه الرئيس : المرباع. وفي الحديث ، قال الرسول لعديّ بن حاتم قبل أن يسلم : «انّك لتأكل المرباع وهو لا يحلّ في دينك» (١). وقال الشاعر :
لك المرباع منها والصفايا |
|
وحكمك والنشيطة والفضول |
الصفايا ما يصطفيه الرئيس ، والنشيطة ما أصاب من الغنيمة قبل أن تصير
__________________
(١) بمادة ربع من القاموس واللسان وتاج العروس ونهاية اللغة لابن الأثير وفي صحاح الجوهري بعضه ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٤٩.