هذا الجانب ، وزاد في الطين بلّة المنع من كتابة حديث الرسول والاعتماد على ذاكرة الرواة في ما يحدّثون. ولهذا اختلط الحابل بالنابل ، وامتزجت الإسرائيليات بالمروي من أحاديث الرسول.
وهكذا تشكل الفكر الإسلامي في مدرسة الخلفاء بطابعه الخاص به على عهد معاوية وكما أراده معاوية ، وأصبح هذا الفكر الخاص بمدرسة الخلفاء هو الإسلام الرسمي منذ عهد معاوية ، وأصبح ما يخالفه مرفوضا ومنبوذا. وبقي الإسلام الرسمي أو الفكر الإسلامى الّذي رسمه معاوية كما أراده على ذلك الشكل والمحتوى حتّى اليوم بعد أن وضع استشهاد الحسين سبط رسول الله وأهل بيته حدّا للانحراف بعد معاوية ، وكشف عن واقع الخليفة يزيد ، وجرّد مقام الخلافة من هالة القداسة التي كانت تتبرقع بها ، فأصبحت السلطة في جانب ، والتمثيل الديني في جانب آخر.
* * *
كان هذا موقف مدرسة الخلفاء من حديث الرسول (ص) وسندرس موقف مدرسة أهل البيت من حديث الرسول بعد الانتهاء من بحث موقف المدرستين من الفقه والاجتهاد في ما يأتي من أبواب هذا الكتاب ـ إن شاء الله تعالى ـ.
عود على بدء
كان استمرار النهي عن نشر سنّة الرسول (ص) بمدرسة الخلفاء عن كتابتها ؛ إلى أوّل القرن الثاني الهجري ؛ من أهم الأسباب الّتي أدّت بهم إلى فتح باب الاجتهاد في الأحكام ، والعمل فيها بآراء المجتهدين ، وأحيانا في مقابل سنّة الرسول (ص) كما سندرسه في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.