وقال أيضا : وقد روى عنه الأمر بفسخ الحجّ إلى العمرة أربعة عشر من أصحابه وأحاديثهم كلّها صحاح وهم عائشة وحفصة أمّا المؤمنين ، وعليّ بن أبي طالب ، وفاطمة بنت رسول الله (ص) وأسماء بنت أبي بكر الصدّيق ، وجابر بن عبد الله ، وأبو سعيد الخدري والبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن عبّاس وسبرة بن معبد الجهنى وسراقة بن مالك المدلجي (رض) (١).
وقال ابن حزم : روى أمر رسول الله (ص) من لا هدي له أن يفسخ حجّه بعمرة ويحلّ بأوكد أمر جابر بن عبد الله و... خمسة عشر من الصحابة. رضي الله عنهم. ورواه عن هؤلاء نيف وعشرون من التابعين ورواه عن هؤلاء من لا يحصيه إلّا الله عزوجل فلم يسع أحدا الخروج عن هذا (٢).
وقال : وأمر النبيّ كلّ من لا هدي معه عموما بأن يحلّ بعمرة ، وأنّ هذا هو آخر أمره على الصفا بمكّة ، وأنّه (ع) أخبر بأن التّمتّع افضل من سوق الهدي معه وتأسّف إذ لم يفعل ذلك هو ، وأنّ هذا الحكم باق إلى يوم القيامة وما كان هكذا فقد أمنّا أن ينسخ أبدا ، ومن أجاز نسخ ما هذه صفته فقد أجاز الكذب على خبر رسول الله (ص) وهذا ممن تعمّده كفر مجرّد ، وفيه أنّ العمرة قد دخلت في الحجّ وهذا هو قولنا لأنّ الحجّ لا يجوز إلّا بعمرة متقدّمة له يكون بها متمتعا أو بعمرة مقرونة معه ولا مزيد (٣).
وقال : قد أفتى بها أبو موسى مدّة إمارة أبي بكر وصدرا من إمارة عمر (رض) وليس توقّفه ـ عند ما بلغه نهي عمر ـ حجّة على ما روى عن النبيّ وحسبنا قوله لعمر : ما الذي احدثت في شأن النسك فلم ينكر ذلك عمر وامّا قول عمر في قول الله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) فلا إتمام لهما إلّا علّمه رسول الله الناس وهو الذي أنزلت عليه الآية وأمر ببيان ما أنزل عليه من ذلك.
وأمّا كونه لم يحلّ حتّى نحر الهدي فانّ حفصة ابنة عمر روت عن النبي بيان فعله قالت سألته : ما شأن الناس حلّوا ولم تحلّ من عمرتك؟ فقال : إني قلدت هديي فلا أحلّ حتى أنحر ، ورواه أيضا علي ...
__________________
(١) زاد المعاد ١ / ٢٤٦.
(٢) المحلى ج ٧ / ١٠١.
(٣) المحلى ج ٧ / ١٠٣ أوردنا في ما يلي موجز كلام ابن حزم في هذا الباب.