ابن أبي وقّاص فقد روى مسلم في صحيحه عن غنيم بن قيس ، قال «سألت سعد بن أبي وقّاص عن المتعة فقال : فعلناها وهذا يومئذ كافر بالعرش» (١).
قال الراوي : يعنى بيوت مكّة.
وفي رواية اخرى : يعني معاوية.
قال المؤلّف : جعلوا لفظ العرش بضمّتين ليكون جمع العرش بضم العين ويكون بمعنى بيوت مكّة. ولعلّ سعدا تلفظه بفتح العين وسكون الراء وقصد أنّه كان يوم ذاك كافرا بربّ العرش.
هكذا عارض سعد معاوية في أكثر من مكان ولم يكن سائر الصحابة بمكانة سعد بن أبي وقّاص فاتح العراق والفرد الباقي من الستة أهل الشورى الذين رشّحهم عمر بن الخطّاب (رض) للخلافة ليستطيعوا مجاهرة عصبة الخلافة بالمخالفة يوم ذاك بل كان فيهم مثل الصحابي عمران بن حصين الّذي كتم أنفاسه طيلة حياته حتّى إذا وجد نفسه على فراش الموت جاهر برأيه كما رواه مسلم وغيره واللفظ لمسلم عن مطرّف قال : بعث إليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه ، فقال : إني كنت محدّثك بأحاديث لعلّ الله أن ينفعك بها بعدي ، فإن عشت فاكتم عنّي وإن متّ فحدّث بها إن شئت ، إنّه قد سلّم عليّ واعلم أنّ نبيّ الله (ص) قد جمع بين حجّ وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب ولم ينهنا عنهما رسول الله ، قال فيها رجل برأيه ما شاء (٢).
وفي رواية أخرى : أنّي لاحدّثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم : واعلم انّ رسول الله قد أعمر طائفة من أهله في العشر ـ أي عشر ذي الحجّة ـ فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم ينه عنه حتّى مضى لوجهه ارتأى كلّ امرئ بعد ما شاء أن يرتئي.
وفي رواية : ارتأى رجل برأيه ـ يعني عمر ـ (٣).
* * *
__________________
(١) صحيح مسلم باب جواز التمتع ح ١٦٤ ص ٨٩٨ ، وشرح الحديث عند النووي ٧ / ٣٠٤ ، والمنتقى ح ٢٣٨٦ ، وتاريخ ابن كثير ٥ / ١٢٧ و ١٣٥.
(٢) صحيح مسلم ، باب جواز التمتع ، الحديث ١٦٨ و ١٦٦ و ١٦٩ ص ٨٩٩ ، وشرح النووي ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، وعمران بن حصين في أسد الغابة بعثه عمر قاضيا على البصرة وكان مجاب الدعوة وكانت الملائكة تسلم عليه في مرض وفاته. توفي بالبصرة سنة اثنتين وخمسين أي في خلافة معاوية. ترجمته بأسد الغابة ٤ / ١٣٧.
(٣) صحيح مسلم كتاب الحج باب جواز التمتّع الحديث ١٦٥ و ١٦٦ وقد اخترنا لفظ مسلم ، ومسند ـ