المالكي (ت ٧٣٨ ه) بعد أن ذكر لزوم وكيفية زيارة الأنبياء والرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ والتوسّل بهم إلى الله تعالى وطلب الحوائج منهم قال : وأمّا في زيارة سيد الأوّلين والآخرين صلوات الله عليه وسلامه فكلّ ما ذكر يزيد عليه أضعافه ، أعني في الانكسار والذلّ والمسكنة ؛ لأنّه الشافع المشفّع الّذي لا تُردّ شفاعته ، ولا يُخيّب من قصده ، ولا من نزل بساحته ، ولا من استعان أو استغاث به ، إذ إنّه عليه الصلاة والسلام قطب دائرة الكمال وعروس المملكة ـ إلى أن قال ـ : فمن توسّل به أو استغاث به أو طلب حوائجه منه ، فلا يردّ ولا يخيب لما شهدت به المعاينة والآثار ، ويحتاج إلى الأدب الكلّي في زيارته عليه الصلاة والسلام ، وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إنّ الزائر يشعر بنفسه بأنّه واقف بين يديه عليه الصلاة والسلام كما هو في حياته (١).
٢٠ ـ وقال شمس الدين ابن قدامة الأندلسي : فإذا فرغ من الحجّ استحبّ زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وقبر صاحبيه ـ رضي الله عنهما ـ واستدلّ على ذلك بروايتي ابن عمر ، وأبي هريرة (٢).
٢١ ـ قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي المقدسي : إنّ ابن تيمية ذكر في مناسكه «باب زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله : إذا أشرف على مدينة النبيّ صلىاللهعليهوآله قبل الحجّ أو بعده ، فليقل ما تقدّم ، فإذا دخل استحب له أن يغتسل ، نصّ عليه الإمام أحمد ، فإذا دخل المسجد بدأ برجله اليمنى وقال : بسم الله والصلاة على رسول الله ، اللهمّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك ، ثمّ يأتي الروضة بين القبر والمنبر فيصلّي بها ويدعو بما شاء ، ثمّ يأتي قبر النبيّ فيستقبل جدار القبر ولا يمسّه ولا يقبّله ، ويجعل القنديل الّذي في القبلة عند القبر على رأسه ؛ ليكون قائماً وجاه
__________________
(١) المدخل ١ : ٢٥٧.
(٢) الشرح الكبير على المقنع ٣ : ٤٩٤.