القول بالحياة البرزخية للأنبياء والصدّيقين لا يفي وحده بما هو المهم هنا ما لم يثبت أنّ هناك صلة بيننا وبينهم في البرزخ ، بحيث يسمعوننا ويستطيعون أن يردّوا علينا ، وهذا هو الموضوع الثاني الذي أشرنا إليه وهنا نكتفي بأبرز الآيات الواردة في هذا المضمار التي تدلّ على إمكان الاتصال بالأرواح المقدسة الموجودة في عالم البرزخ ، وهذا وإن أثبته علم النفس بعد تجارب كثيرة ، ولكنّنا أخذنا على أنفسنا أن نستدلّ بالكتاب والسنّة ، ولو كان هناك شيء في العلم فهو أيضاً يدعم مدلول الكتاب والسنّة.
إنّ الكتاب والسنّة تضافرا على إمكان اتصال الإنسان الموجود في الدنيا بالإنسان الحي في عالم البرزخ وقد مرّت البرهنة على وجود الصلة بين الحياتين عند البحث في الحياة البرزخية فراجع (١).
الثالث : سيرة السلف الصالح في التوسّل بدعاء النبي بعد رحيله :
النظر إلى سيرة المسلمين بعد لحوق النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بالرفيق الأعلى يثبت أنّهم كانوا يتوسّلون بدعائه ، كتوسّلهم به قبل لحوقه به فما كانوا يرون فرقاً بين الحالتين ، فمن تصفّح سيرة المسلمين ورجع إلى غضون الكتب وشاهد عملهم في المسجد النبوي قرب مزاره الشريف ، يلمس بسهولة استقرار السيرة على التوسّل بدعائه من غير فرق بين حياته وانتقاله ، وها نحن نذكر من أعمال بعض الصحابة والتابعين شيئاً يسيراً ونترك الباقي للمتصفّح في غضون الكتب.
إنّنا لا يمكننا تصديق جميع ما روي لكنّ بين المرويات قضايا صادقة صدرت
__________________
(١) يراجع ص ٤٣٠ من هذا الكتاب.