كتبهم فراجعها (١).
وليس لنا أن نترك السيرة المستمرة الهائلة التي يلمسها من توقف هنيئة لدى القبر الشريف النبوي وقد قال سبحانه : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) (٢).
وقد نقل السمهودي نبذاً ممّا وقع لمن استغاث بالنبي أو طلب منه شيئاً عند قبره فأُعطي مطلوبه ونال مرغوبه ممّا ذكره الإمام محمد بن موسى بن النعمان في كتابه «مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام» (٣).
التلوّن في الاستدلال
نرى أنّ المانعين عن التوسّل بدعاء النبي في حياته البرزخية يتلوّنون في الاستدلال ، فتارة ينفون حياة النبي بعد الموت ، وأُخرى ينفون إمكان الاتصال ، وثالثة يدعون لغوية هذا العمل ، ونعوذ بالله من قولهم الرابع إذ يعدّون العمل شركاً وعبادة للرسول ، أمّا الثلاث الأُول فقد ظهرت حالها ، وأمّا الشرك فلا يدرى كيف يوصف به ، مع أنّ هذا عمل واحد يُطلَب في حياة النبي ويُطلَب بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى أفيمكن أن يكون شيء واحد توحيداً في حالة وشركاً في أُخرى؟ مع أنّه لا يسأل الرسولُ بما أنّه إله أو ربّ ، أو بيده مصير الداعي ، وإنّما يسأله بما أنّه عبد صالح ذو نفس طاهرة وكريمة وهو أفضل الخلائق وأحد الأمانين في الأرض يستجاب دعاؤه ولا يرد.
__________________
(١) لاحظ شفاء السقام في زيارة خير الأنام للسبكي ، والدرر السنية لزيني دحلان ، والمبرد المبكي في ردّ الصارم المنكي لابن علان ، ونصرة الإمام السبكي برد الصارم المنكي للسمهودي.
(٢) النساء : ١١٥.
(٣) وفاء الوفا ٤ : ١٣٨٠ ـ ١٣٨٧. طالع ذلك الفصل تجد فيه حكايات وقضايا كثيرة تدل على جريان السيرة بين المسلمين على التوسّل بدعاء النبي الأكرم.