قارن بينهما ، تجد الأوّل مشحوناً بأخبار التجسيم والتشبيه والجبر ، وما زال المتسمون بالسلفية ينشرونه عاماً بعد عام ، كأنّ ضالّتهم فيه.
وأمّا الثاني ففيه الدعوة إلى التوحيد وتنزيه الحقّ ومعرفته بين التشبيه والتعطيل وتبيين الآيات التي اغترّ بعضهم بظواهرها من دون التدبّر بالقرائن الحافّة بها.
وبذلك تبيّن أنّ النبيّ الأكرم قد جعل من الأئمّة واجهة دفاعية لصدّ البدع وأفكار المبتدعين ولا تتبيّن تلك الحقيقة إلّا بعد معرفتهم ومراجعة كلماتهم.
السادس : دعم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر
إذا كانت البدعة من أعظم الكبائر والمنكرات ، فعلى السلطة التنفيذية للحكومات الإسلامية ، دعم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، للقيام بمواجهة المبتدعين وردعهم عن أعمالهم ؛ فإنّ البدعة أوّل يومها بذرة في الأذهان ، ثمّ يستفحل عودها عبر الزمن حتى تصير شجرة خبيثة ، ولذلك دعا الذكر الحكيم إلى القيام بهذا الأمر وقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١) وفي آية أُخرى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(٢).
والأُمَّة عبارة عن جماعة تجمعهم رابطة العقيدة ووحدة الفكر ، غير أنّ الواجب على الجميع غير الواجب على جماعة خاصة ، فيجب على كلّ مسلم ردع المنكر بقلبه ولسانه ، وأمّا القيام بأكثر من ذلك فهو على القويّ المطاع العالم
__________________
(١) آل عمران : ١٠٤.
(٢) آل عمران : ١١٠.