على استعمال الحدود إذا أرادوا حدّ الإنسان «الإنسان حيوان ناطق» وهو أي (١) الحد مركب من جنس وفصل ، فالجنس لفظ حيوان ، والفصل قوله ناطق ، وقد يحتاج إلى فصلين أو ثلاثة على حسب الحاجة.
وأول من ابتدع هذه الحدود الفلاسفة ثم تبعهم على ذلك الأشعرية بأسرهم وكثير من غيرهم «ويرادفه» أي يرادف الحد «لفظ الحقيقة والماهيّة» أي حد الشيء وحقيقته وماهيّته شيء واحد «إذا عرفت ذلك فحدّ بعض المتكلمين» أي بعض أهل علم الكلام «للذات» أي مطلق الذات بقولهم حقيقة الذات هي ما يصح العلم بها على انفرادها ونحو ذلك «وكذلك» حدّهم أيضا «نحو موجود» أي مطلق الموجود ونحوه كالقادر والعالم والحي إذا أريد بها الباري تعالى وغيرها «بالمعنى الثاني» من معنيي الحد وهو ما يتصوّر به ماهيّة «لا يصح لأنّ الله تعالى لا يصح تصوّره لما يأتي إن شاء الله تعالى» في ذكر صفاته ، قلت : وكذلك بالمعنى الأول إن قصد به مشاركة شيء له تعالى في اسم المحدود لما يأتي إن شاء الله تعالى «فليس» الحد إذا «بجامع» لكل موجود ولكل ذات لخروج الباري تعالى من المحدود ، «وقولهم» أي أهل الحدود «في حد» العالم» هو «من يمكنه إيجاد الفعل المحكم لا يصح بالمعنيين معا» وهما شرح الاسم أو تصوّر الماهيّة «لما مرّ» من أنه تعالى لا يصح تصوره «ولدخول نحو النحلة» أي النحلة ونحوها ككثير من الطيور إن أريد به المعنى الأول «لأنه يمكنها إيجاد الفعل المحكم» على حد لا يتمكن منه الإنسان وهو تقدير بيوت شمعها وترصيفها» له على الصفة المعلومة وكذلك بيوت كثير من الطيور وغيرها «فليس» حدهم «إذا بمانع» من دخول غير المحدود فيه.
قال عليهالسلام : «فإن قيل : فما شرحه» أي شرح العالم أي إيضاحه بلفظ أوضح؟
«قلت : هو من يمكنه إحكام الأشياء المتباينة» أي المختلفة كلّ منها على حدة ونظمها على وجه الإحكام «وتمييز كل منها بما يميّزه» عن غيره «أو من أدرك الأشياء إدراك تمييز وإن لم يقدر على فعل محكم» يعني أنه من أمكنه
__________________
(١) (أ) ناقص أي الحد.