الصعبة «والشدائد من الخوف» والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات فليعلمنّ الله الذين صدقوا في إيمانهم فصبروا في طاعة ربهم ، وليعلمنّ الكاذبين الذين لم يصدقوا في إيمانهم ولم يثبتوا عليه في السّراء والضّراء وكانوا كما قال سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ)(١).
«و» قد تكون الفتنة «بمعنى الإضلال عن طريق الحق» كما «قال تعالى : (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (٢) أي ما أنتم بمضلين عن طريق الحق إلّا من هو من أهل الضلال الذين لا تنفع فيهم الهداية.
وأما من قبل هدى الله ورفض ما سواه فلا تقدرون على إضلاله.
«و» قد تكون الفتنة أيضا «بمعنى العذاب كما قال تعالى : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (٣) أي يعذبون.
قال في الصحاح : تقول : فتنت الذهب إذا أدخلته النار لتعرف ما جودته ودينار مفتون.
وقال الخليل : الفتن الإحراق ، وورق فتين أي فضة محرّقة.
إذا عرفت ذلك «فيجوز أن يقال : فتن الله المكلفين بمعنى اختبرهم بالتكاليف» أي فعل بهم فعل المختبر بالتكاليف التي حمّلهم إياها «والشدائد» التي تلحقهم في الدنيا من نقص الأنفس والأموال ويجوز أن يقال : إن الله تعالى «يفتن المسخوط عليهم بمعنى يعذبهم» بذنوبهم التي ارتكبوها.
قالت «العدلية» لا بمعنى يضلهم عن طريق الحق» أي يغويهم ويميلهم عن طريق الحق فلا يجوز لأنها صفة ذم «خلافا للمجبرةقلنا : ذلك صفة نقص وذم لله تعالى» بل هو ذم في حق المخلوق المحتاج فكيف في حق الخالق
__________________
(١) الحج (١١).
(٢) الصافات (١٦١ ، ١٦٢ ، ١٦٣).
(٣) الذاريات (١٣).