«و» قد يكون الإضلال «بمعنى الحكم والتّسمية قال الشاعر :
ما زال يهدي قومه ويضلنا
«البيت» الذي تقدم ذكره أي يحكم علينا بالضلال ويسمينا به.
وقد يكون الضلال بمعنى النسيان كما قال تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) (١).
وبمعنى الذهاب عن الشيء والغفلة عنه نحو قوله تعالى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٢) أي وجدك غافلا عما أرادك به من النبوءة والكرامة إذا عرفت ذلك «فيجوز أن يقال : إن الله يضل الظالمين ، بمعنى يحكم عليهم بالضلال ويسميهم به لمّا ضلوا عن طريق الحق» أي مالوا عنها وهكذا ذكره الهادي عليهالسلام.
«وبمعنى يهلكهم أو يعذبهم» لاستحقاقهم ذلك.
قالت «العدليّة : لا بمعنى يغويهم عن طريق الحق» فلا يجوز لأنه قبيح والله تعالى لا يفعله «خلافا للمجبرة» فإنهم جوّزوا ذلك جريا على منهاجهم الجائر من عدم التحاشي من سبّه تعالى ونسبة القبائح إليه تعالى عنها.
«قلنا : ذلك ذمّ لله تعالى وتزكية لإبليس وجنوده» وتنزيه لهم عن الإغواء والإضلال الذي هو دأبهم وعملهم بنص القرآن حيث قال تعالى حاكيا عنه : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٣) «وذلك» الذي ذهبوا إليه من سبّ الله تعالى وتزكية إبليس «كفر» بلا ريب.
«والإغواء» في لغة العرب يكون لمعان :
«بمعنى الصّرف عن واضح الطريق» أي الإمامة عن طريق الحق.
«و» يكون «بمعنى الإتعاب» للحيوان «يقال : أغوى الفصيل إذا أتعبه بحبسه عن الماء واللّبن».
__________________
(١) البقرة (٢٨٢).
(٢) الضحى (٧).
(٣) ص (٨٢ ـ ٨٣).