به ، إذا عرفت ذلك «فيجوز أن يقال : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١) بمعنى لا يزيدهم بصيرة» ولا تنويرا في قلوبهم لمّا لم يتبصّرواأي يعملوا بموجب البصيرة والهدى من الطاعة واجتناب المعصية.
«أو» بمعنى «لا يثيبهم» لعدم استحقاقهم الإثابة.
ومثل هذا ذكره الهادي عليهالسلام حيث قال : (الهدى هديان : هدى مبتدأ ، وهدى مكافأة .. إلى آخره).
«أو» بمعنى «لا يحكم لهم بالهدى ولا يسمّيهم به» لعدم إيمانهم الّذي يستوجبون به ذلك.
قالت «العدلية : ولا» يجوز أن يكون «بمعنى أنه لا يدعوهم إلى الخير» ولا يدلّهم على الرّشد لأنه تعالى قد دلّهم على الرّشد ودعاهم إليه كما سبق ذكره «خلافا للمجبرة» بناء على قاعدتهم المنهدة قالوا : لو دعاهم لأجابوا.
«قلنا : ذلك ردّ لما علم من الدين ضرورة لدعاء الله الكفار وغيرهم» إلى الإيمان وتصديق رسله صلوات الله عليهم وذلك «بإرساله إليهم الرّسل وإنزاله إليهم الكتب» الصادقة الشاهدة بصحة الرسالة المتضمنة لدعاء الخلق إلى عبادة الله تعالى وشكره ، وقد ورد به السمع «قال الله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (٢) كما مر ذكره وقال تعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٣) أي رسول داع (٤) لها إلى الإيمان ولكن أبى أكثرهم ذلك وأجابوا هوى النفوس ودواعي الشيطان.
وأما قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ..) (٥) الآية فالمعنى : لو شئنا لأريناها من قدرتنا وآياتنا الباهرة عيانا ما نحدث به لها معرفة وإيقانا لا يكون لها معه أجر ولا يجب به لها ذخر ويكون منها ذلك اضطرارا
__________________
(١) الأنعام (١٤٤).
(٢) فصلت (١٧).
(٣) فاطر (٢٤).
(٤) (أب) داعي.
(٥) السجدة (١٣).