ما يدرك بالعرض النفسي «المدرك به نحو لذة النفس وألمها» واللذة إدراك ونيل ما هو عند المدرك كمال وخير ، والألم إدراك ونيل لما هو عند المدرك نقص وضرّ.
ومعنى الإدراك به أنه «يفهم المخاطب ما كان أدركه» أي الشيء الذي أدركه بعينه من المدركات «بها» أي بالحواس الخمس «وما يلحق بها» وذلك المدرك هو المسموع والمبصر والمطعوم والمشموم والملموس ولذة النفس وألمها «أو» يفهم المخاطب «مثله» أي مثل ما أدركه من المدركات يفهمه بالقياس على ما أدركه بعينه منها «بالتعبير المعروف الدّلالة» أي الذي عرفت دلالته «على نحو ذلك المدرك» الذي ثبت ووجد «عنده» أي عند المخاطب كما إذا عبر عن إنسان لم يدركه ببصره أو عن ملموس لم يلمسه أو مطعوم لم يطعمه أو ألم أو لذّة لم يدركهما فإنه يفهمه ويتصوره ويمكن التعبير عنه بالقياس على ما قد أدركه لأنه مثله «و» قد علم أنه «لا يصح أن يدرك بالمشاعر» المذكورة «والوجدان» المذكور (١) «إلّا جسما أو عرضا ، وقد بطل بما مر» وتكرر «أن يكون الله تعالى جسما أو عرضا فثبت» بذلك «تعذر فهم التعبير عن كنه ذاته تعالى».
«و» اعلم أن «العلم بأن للمصنوع صانعا لا يستلزم معرفة كنه ذات صانعه» أي معرفة حقيقة صانعه بالإحاطة به من جميع الوجوه وإنما يستلزم أن له صانعا حيّا قادرا عليما حكيما «كالآثار» المصنوعة «الموجودة بالقفار» فإن العقل لا يهتدي إلى معرفة كنه ذات صانعها من كونه طويلا أو قصيرا أو أبيض أو أسود أو نحو ذلك ، وإنما يحكم العقل بأن لها صانعا حيّا قادرا عالما عليما حكيما فثبت بذلك أن الله سبحانه لم يكلف عباده من معرفته إلّا ما مر.
وثبت بطلان قول من زعم أنه وقف من معرفة ذات الله سبحانه على خلاف ما ذكر وأنه لا يجوز أن يثبت له تعالى من الصفات إلّا ما دل عليه الفعل بنفسه أو بواسطة كونه تعالى عالما حيّا وما عداه لا دليل عليه وما لا دليل عليه وجب نفيه.
__________________
(١) (أ) المذكور ضرورة.