أقول : لمّا بيّن
أنّه تعالى قادر عالم ، استدلّ على عموم قدرته وعلمه ، أي : أنّه قادر على كلّ
المقدورات ، عالم بكلّ المعلومات.
أمّا بيان أنّه
قادر على كلّ المقدورات ؛ فلأنّ المقدورات هي الممكنات لا غير ـ على ما تقدم بيانه
ـ ونسبة الممكنات إليه على سبيل السّويّة ، لأنّه واجب وما عداه ممكن ، ونسبة
الواجب إلى الممكن نسبة واحدة ، والمقتضي لاحتياج الشّيء إلى فاعل هو الإمكان ،
فتشترك جميع الممكنات في صحّة القدرة عليها ، فثبت أنّه قادر على كلّ المقدورات.
وأمّا بيان أنّه
عالم بكلّ المعلومات ؛ [فنقول : يجب أن يكون عالما بكلّ المعلومات] ، لأنّه لو لا
ذلك ، للزم : إمّا أن لا يكون عالما بشيء منها ، أو يكون عالما ببعض دون بعض.
والأوّل محال ، لما ثبت من كونه عالما ، والثّاني أيضا محال ، وإلّا لكان علمه
بالبعض منها دون البعض مع تساويهما بالنّسبة إلى ذاته تخصيصا من غير مخصّص ، وهو
محال.
قال «قدّس الله
روحه» :
ويجب أن يعتقد
أنّه تعالى سميع بصير ، لأنّه عالم بكلّ المعلومات ، ومن جملتها المسموع
والمبصر ، فيكون
عالما بهما ، وهو معنى كونه سميعا بصيرا.
أقول : من [جملتها
ـ أي : الصّفات] الثّبوتيّة ـ كونه سميعا بصيرا ، وإنّما أثبتنا له سبحانه
هاتين الصّفتين لورود الإذن الشّرعيّ في تسميته تعالى بهما في قوله [تعالى] : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) لأنّ أسماءه تعالى توقيفيّة ، بمعنى : انّها لا يطلق
__________________