فأعلمه بما عزم عليه من قتل عليّ ، فوافقه ، قال : وجلسا مقابل السّدة التي يخرج منها عليّ ، قال الحسن : وأتيته سحرا ، فجلست إليه فقال : إنّي ملكتني عيناي وأنا جالس ، فسنح لي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فذكر المنام المذكور. قال وخرج وأنا خلفه ، وابن النّبّاح بين يديه ، فلمّا خرج من الباب نادى : أيّها النّاس الصّلاة الصّلاة ، وكذلك كان يصنع كلّ يوم ، ومعه درّته يوقظ النّاس ، فاعترضه الرجلان ، فضربه ابن ملجم على دماغه ، وأمّا سيف شبيب فوقع في الطّاق ، وسمع النّاس عليّا يقول : لا يفوتنّكم الرجل ، فشدّ الناس عليهما من كلّ ناحية ، فهرب شبيب ، وأخذ عبد الرحمن ، وكان قد سمّ سيفه.
ومكث عليّ يوم الجمعة والسبت ، وتوفّي ليلة الأحد ، لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان (١). فلمّا دفن أحضروا ابن ملجم ، فاجتمع النّاس ، وجاءوا بالنّفط والبواري ، فقال محمد بن الحنفيّة ، والحسين ، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب : دعونا نشتفّ منه ، فقطع عبد الله يديه ورجليه ، فلم يجزع ولم يتكلّم ، فكحل عينيه ، فلم يجزع ، وجعل يقول : إنّك لتكحل عيني عمّك ، وجعل يقرأ : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (٢) حتّى ختمها ، وإنّ عينيه لتسيلان ، ثمّ أمر به فعولج عن لسانه ليقطع ، فجزع ، فقيل له في ذلك. فقال : ما ذاك بجزع ، ولكنّي أكره أن أبقى في الدّنيا فواقا لا أذكر الله ، فقطعوا لسانه ، ثمّ أحرقوه في قوصرة ، وكان أسمر ، حسن الوجه ، أفلج ، شعره مع شحمة أذنيه ، وفي جبهته أثر السّجود (٣).
ويروى أنّ عليّا رضياللهعنه أمرهم أن يحرّقوه بعد القتل.
وقال جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : صلّى الحسن على عليّ ، ودفن
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧.
(٢) أول سورة العلق.
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٩ ، وانظر الأخبار الطوال لابن قتيبة ٢١٥.