يقول : أشتري خوصا بدرهم فأعمله فأبيعه بثلاثة دراهم ، فأعيد درهما فيه ، وأنفق درهما على عيالي ، وأتصدّق بدرهم ، ولو أنّ عمر نهاني عنه ما انتهيت (١) ، رواها بعضهم فزاد فيها : فقلت له : فلم تعمل؟ يعني : لم وليت ، قال : إنّ عمر أكرهني ، فكتبت إليه فأبى عليّ مرّتين. وكتبت إليه فأوعدني.
وقال عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ظبيان ، عن جرير بن عبد الله قال : نزلت بالصّفاح (٢) في يوم شديد الحرّ ، فإذا رجل نائم مستظلّ بشجرة ، معه شيء من الطّعام في مزود تحت رأسه ، وقد التفّ في عباءة. فأمرت أن يظلّل عليه ، ونزلنا ، فانتبه ، فإذا هو سلمان ، فقلت : ما عرفناك ، فقال : يا جرير تواضع في الدّنيا فإنّه من تواضع في الدّنيا يرفعه الله يوم القيامة ، ومن يتعظّم في الدّنيا يضعه الله يوم القيامة. يا جرير لو حرصت على أن تجد عودا يابسا في الجنّة لم تجده ، لأنّ أصول الشّجر ذهب وفضّة ، وأعلاها الثّمار ، يا جرير تدري ما ظلمة النّار؟ قلت : لا ، قال : ظلم النّاس بعضهم بعضا (٣).
وقال عبد الله بن بريدة : كان سلمان يعمل بيديه ، فإذا أصاب شيئا اشترى به لحما أو سمكا ، ثمّ يدعو المجذومين فيأكلون معه (٤).
وفي «الموطّأ» عن يحيى بن سعيد ، أنّ أبا الدّرداء كتب إلى سلمان :
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٤ / ٨٩ ، وحلية الأولياء ١ / ١٩٧ من طريق مسلمة بن علقمة المازني ، عن داود بن أبي هند ، عن سماك بن حرب ، عن سلامة العجليّ ، والمعجم الكبير للطبراني (٦١١٠) ، صفة الصفوة ١ / ٤١ ، مجمع الزوائد ٩ / ٣٤٣.
(٢) الصّفاح : بكسر الصاد ، موضع بين حنين وأنصاب الحرم. (معجم البلدان ٣ / ٤١٢).
(٣) حلية الأولياء ١ / ٢٠٢ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٢٠٨.
(٤) طبقات ابن سعد ٤ / ٨٩ ، حلية الأولياء ١ / ٢٠٠ ، صفة الصفوة ١ / ٥٤٣ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٢٠٩.