عثمان لان لهم ووصلهم ، ثمّ إنّه توانى في أمرهم ، واستعمل أقرباءه وأهل بيته في السّتّ الأواخر ، وكتب لمروان بخمس مصر أو بخمس إفريقية ، وآثر أقرباءه بالمال ، وتأوّل في ذلك الصّلة التي أمر الله بها. واتّخذ الأموال ، واستسلف من بيت المال ، وقال : إنّ أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما ، وإنّي أخذته فقسّمته في أقربائي ، فأنكر النّاس عليه ذلك (١).
قلت : وممّا نقموا عليه أنّه عزل عمير بن سعد عن حمص ، وكان صالحا زاهدا ، وجمع الشام لمعاوية ، ونزع عمرو بن العاص عن مصر ، وأمّر ابن أبي سرح عليها ، ونزع أبا موسى الأشعريّ عن البصرة ، وأمر عليها عبد الله بن عامر ، ونزع المغيرة بن شعبة عن الكوفة وأمّر عليها سعيد بن العاص.
وقال القاسم بن الفضل : ثنا عمرو بن مرّة ، عن سالم بن أبي الجعد قال : دعا عثمان ناسا من الصّحابة فيهم عمّار فقال : إنّي سائلكم وأحبّ أن تصدقوني : نشدتكم الله أتعلمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يؤثر قريشا على سائر النّاس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟ فسكتوا ، فقال : لو أنّ بيدي مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني أميّة حتّى يدخلوها.
وعن أبي وائل أنّ عبد الرحمن بن عوف كان بينه وبين عثمان كلام فأرسل إليه : لم فررت يوم أحد وتخلّفت عن بدر وخالفت سنّة عمر؟ فأرسل إليه : تخلّفت عن بدر لأنّ بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم شغلتني بمرضها ، وأمّا يوم أحد فقد عفا الله عنّي ، وأمّا سنّة عمر فو الله ما استطعتها أنا ولا أنت. وقد كان بين عليّ وعثمان شيء فمشى بينهما العبّاس فقال عليّ : والله لو أمرني
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٦٤ ، أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٥١٢ رقم ١٣٢٨.