وقال ابن جرير (١) : سار أبو عبيدة إلى دمشق ، وخالد على مقدّمة النّاس ، وقد اجتمعت الروم على رجل يقال له باهان (٢) بدمشق ، وكان عمر عزل خالدا واستعمل أبا عبيدة على الجميع ، والتقى المسلمون والروم فيما حول دمشق ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثمّ هزم الله الروم ، ودخلوا دمشق وغلّقوا أبوابها ، ونازلها المسلمون حتى فتحت ، وأعطوا الجزية ، وكان قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمارته وعزل خالد ، فاستحيا أبو عبيدة أن يقرئ خالدا الكتاب حتى فتحت دمشق وجرى الصّلح على يدي خالد ، وكتب الكتاب باسمه ، فلمّا صالحت دمشق لحق باهان صاحب الروم بهرقل (٣).
وقيل : كان حصار دمشق أربعة أشهر (٤).
وقال محمد بن إسحاق : إنّ عمر كان واجدا على خالد بن الوليد لقتله ابن نويرة ، فكتب إلى أبي عبيدة أن أنزع عمامته وقاسمه ماله ، فلمّا أخبره قال : ما أنا بالذي أعصي أمير المؤمنين ، فاصنع ما بدا لك ، فقاسمه حتّى أخذ نعله الواحدة (٥).
وقال ابن جرير (٦) : كان أوّل محصور بالشام أهل فحل ثمّ أهل دمشق ، وبعث أبو عبيدة ذا الكلاع حتّى كان بين دمشق وحمص ردءا ، وحصروا دمشق ، فكان أبو عبيدة على ناحية ، ويزيد بن أبي سفيان على ناحية ، وعمرو بن العاص على ناحية ، وهرقل يومئذ على حمص (٧) ،
__________________
(١) في تاريخ الرسل والملوك ٣ / ٤٣٤ ، ٤٣٥.
(٢) في المنتقى لابن الملا «ماهان» وكذا في تهذيب ابن عساكر ١ / ١٦٠.
(٣) هكذا في تاريخ الطبري ٣ / ٤٣٥ ، وفي الأصل «لحق باهان بصاحب الروم هرقل».
(٤) فتوح البلدان ١ / ١٥٤.
(٥) تاريخ الطبري ٣ / ٤٣٦ ، ٤٣٧.
(٦) في التاريخ ٣ / ٤٣٨ ، تهذيب تاريخ دمشق ١ / ١٥٤.
(٧) في تاريخ الطبري : (وهرقل يومئذ بحمص).