ابن بابنوس (١) أنّه أتى عائشة ، فقالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا مرّ بحجرتي ألقى إليّ الكلمة يقرّ بها عيني ، فمرّ ولم يتكلّم ، فعصبت رأسي ونمت على فراشي ، فمرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «ما لك»؟ قلت : رأسي ، فقال : «بل أنا وا رأساه ، أنا الّذي أشتكي رأسي» ، وذلك حين أخبره جبريل أنّه مقبوض ، فلبثت أيّاما ، ثمّ جيء به يحمل في كساء بين أربعة ، فأدخل عليّ ، فقال : يا عائشة أرسلي إلى النّسوة ، فلمّا جئن قال : «إنّي لا أستطيع أن أختلف بينكنّ ، فأذن لي فأكون في بيت عائشة ، قلن : نعم ، فرأيته يحمرّ وجهه ويعرق ، ولم أكن رأيت ميّتا قطّ ، فقال : «أقعديني» ، فأسندته إليّ ، ووضعت يدي عليه ، فقلب رأسه ، فرفعت يدي ، وظننت أنّه يريد أن يصيب من رأسي ، فوقعت من فيه نقطة (٢) باردة على ترقوتي أو صدري ، ثم مال فسقط على الفراش ، فسجّيته بثوب ، ولم أكن رأيت ميّتا قطّ ، فأعرف الموت بغيره ، فجاء عمر يستأذن ، ومعه المغيرة بن شعبة ، فأذنت لهما ، ومددت الحجاب ، فقال عمر : يا عائشة ما لنبيّ الله؟ قلت : غشي عليه منذ ساعة ، فكشف عن وجهه فقال : وا غمّاه ، إنّ هذا لهو الغمّ ، ثمّ غطّاه ، ولم يتكلّم المغيرة ، فلمّا بلغ عتبة الباب ، قال المغيرة : مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم يا عمر ، فقال : كذبت ، ما مات رسول الله ، ولا يموت حتّى يأمر بقتال المنافقين ، بل أنت تحوشك (٣) فتنة (٤).
فجاء أبو بكر فقال : ما لرسول الله؟ قلت : غشي عليه ، فكشف عن
__________________
(١) في الأصل بعض الحروف غير منقوط ، والتصويب من (تهذيب التهذيب ١١ / ٣١٦ رقم ٦٠٧) وانظر طبقات ابن سعد ٢ / ٢٦٧.
(٢) في مسند أحمد ٦ / ٢١٩ وطبقات ابن سعد ٢ / ٢ / ٢٦١ «نطفة».
ويقال للماء الكثير والقليل «نطفة» وهو بالقليل أخصّ. (النهاية لابن الأثير). وانظر أنساب الأشراف ١ / ٥٦٣.
(٣) في حاشية الأصل «قلبك ١ / ٥٦٣».
(٤) زاد أحمد وابن سعد : «إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يموت حتى يفني الله عزوجل المنافقين».