سلمان إنّي أريد أن أضع رأسي ، فإذا بلغ الظّلّ مكان كذا فأيقظني ، فبلغ (١) الظّلّ الّذي قال ، فلم أوقظه مأواة (٢) له مما دأب (٣) من اجتهاده ونصبه ، فاستيقظ مذعورا ، فقال يا سلمان ، ألم أكن قلت لك : إذا بلغ الظّلّ مكان كذا فأيقظني؟ قلت : بلى ، ولكن إنّما منعني مأواة لك (٤) من دأبك.
قال : ويحك إنّي أكره أن يفوتني شيء من الدّهر لم أعمل لله فيه خيرا ، ثم قال : اعلم أنّ أفضل دين اليوم النّصرانيّة ، قلت : ويكون بعد اليوم دين أفضل من النّصرانيّة ـ كلمة ألقيت على لساني ـ.
قال : نعم يوشك أن يبعث نبيّ يأكل الهديّة ولا يأكل الصّدقة ، وبين كتفيه خاتم النّبوّة ، فإذا أدركته فاتّبعه وصدّقه.
قلت : وإن أمرني أن أدع النّصرانيّة؟ قال : نعم فإنّه لا يأمر إلّا بحقّ ولا يقول إلّا حقّا ، والله لو أدركته ثمّ أمرني أن أقع في النّار لوقعت فيها.
ثمّ خرجنا من بيت المقدس ، فمررنا على ذلك المقعد فقال له : دخلت فلم تعطني ، وهذا تخرج (٥) فأعطني ، فالتفت فلم ير حوله أحدا ، قال : أعطني يدك ، فأخذ بيده ، فقال : قم بإذن الله ، فقام صحيحا سويّا ، فتوجّه نحو أهله فأتبعته بصري تعجّبا مما رأيت ، وخرج صاحبي مسرعا (٦) وتبعته ، فتلقّاني رفقة من كلب (٧) فسبوني فحملوني على بعير وشدّوني وثاقا
__________________
(١) في المعجم «فوضع رأسه فنام فبلغ».
(٢) أي شفقة ورقة.
(٣) في معجم الطبراني ٦ / ٢٩٩ ومجمع الزوائد ٩ / ٣٤٢ «رأيت» بدل «دأب».
(٤) في المعجم «لما رأيت من دأبك».
(٥) في المعجم «الخروج».
(٦) في المعجم «فأسرع المشي».
(٧) في المعجم «كلب أعراب».