والجواب من وجهين :
الأول : ان الموجود فى الحال ، اذا حكم العقل عليه بأنه يمكن أن يصير معدوما فى الاستقبال ، فالمحكوم عليه بالعدم فى الاستقبال ، هو هذه الماهية والمحكوم عليه بحكم لا بد وأن يكون متقررا مع ذلك الحكم ، فتلك الماهية ممكنة التقرر مع العدم فى الاستقبال. واذا حصلت الماهية بدون الوجود ، كانت الماهية مغايرة للوجود.
الثانى : هو ان قولكم الشيء يمكن أن يصير معدوما فى الاستقبال ، يحتمل وجهين :
أحدهما : ان امكان العدم فى الاستقبال ، حاصل فى الحال.
والآخر : ان امكان العدم فى الاستقبال يحصل فى الاستقبال.
والأول باطل. لأن امكان العدم فى الاستقبال ، مشروط بحصول الاستقبال ، والاستقبال ممتنع الحصول فى الحال. فامكان العدم فى الاستقبال ، موقوف على شرط ممتنع الحصول لذاته. وما توقف على مثل هذا الشرط ، كان ممتنع الحصول فى الحال. فثبت : أنه يمتنع أن يحصل فى الحال امكان العدم فى الاستقبال. ولما بطل هذا الاحتمال بقى الاحتمال الثانى. وهو أن الموجود فى الحال يمكن أن يصير معدوما فى الاستقبال ، عند حضور الاستقبال. لكن الاستقبال اذا حضر ، صار حاضرا. فحينئذ يعود الأمر الى ان الممكن انما يكون محكوما عليه بالامكان بالنسبة الى الحال ، لا بالنسبة الى الاستقبال. وذلك يبطل ما ذكرتم من السؤال.
الحجة الثالثة على أن الوجود زائد على الماهية : وهو أنه يمكننا أن نعقل الماهية مع الذهول عن وجودها. ولو كان الوجود نفس الماهية ، أو جزءا من أجزاء الماهية. لكان ذلك ممتنعا.