الحجة الثانية : لو كان الظلم قبيحا لوجه عائد إليه ، لزم تعليل الحكم الوجودى بالعلة العدمية. وهذا محال فذلك محال. بيان الملازمة : ان القبيح نقيض اللاقبيح واللاقبيح محمول على العدم ، والمحمول على العدم عدم ، فلا قبيح عدم. فوجب أن يكون القبح صفة موجودة. اذا ثبت هذا فنقول : الظلم ماهية مركبة من أمور : منها : كون ذلك الاضرار غير مستحق. ومعلوم أن كونه غير مستحق قيد عدمى ، فاذا عللنا قبح الظلم بكونه ظلما ، وكونه ظلما ماهية مركبة من قيود : أحدها : قيد عدمى ، فحينئذ لم يكن مجموع القيود المعتبرة فى كونه ظلما : أمرا وجوديا. فيلزم تعليل القبح الّذي هو صفة موجودة ، بالعدم ، وهو محال. وانما قلنا : ان تعليل ذلك الموجود بالعدم محال ، وذلك لأن العدم نفى محض وسلب صرف ، وايجاد الغير يعتمد كونه موجودا فى نفسه. واذا لم يكن له ثبوت وتحقق أصلا ، امتنع كونه علة لغيره.
الحجة الثالثة : لو كان قبح الكذب لكونه كذبا ، لوجب أن يقبح كل ما كان كذبا ، وكان يلزم أن يكون الكذب الّذي يكون (١) سببا لخلاص الأنبياء والرسل ـ عليهمالسلام ـ عند (٢) اقدام الظلمة عليهم بالقتل ، وأنواع الايذاء : قبيحا. ومعلوم : أنه ليس كذلك. فدل هذا على أن كونه كذبا ليس علة للقبح.
فان قيل : الكذب فى جميع المواضع قبيح. والواجب فى هذه الصور انما هو ذكر المعاريض. كما قيل : «ان فى المعاريض لمندوحة عن الكذب» وأيضا : لم لا يجوز أن يقال: ان كونه كذبا علة للقبح. الا أن الحكم تخلف عن العلة فى هذه الصورة ، لقيام مانع ومعارض.
__________________
(١) يكون كذبا سببا : ا
(٢) عن : ا