الحجة الثالثة على امتناع وجود الالهين : هى أنا لو فرضنا إلهين ، لكان كل واحد منهما قادرا على جميع الممكنات ، لأن صفة القادرية لما كانت فى حق كل واحد منهما من لوازم الذات ، وكانت نسبة تلك القادرية الى جميع الممكنات على السوية ، وجب كونه تعالى قادرا على جميع الممكنات. واذا ثبت هذا ، لزم أن كل ما كان مقدورا لأحدهما فهو بعينه مقدور للآخر من جهة واحدة. وهى جهة الايجاد والاختراع. الا أن ذلك محال ، لأن كل ما كان مقدورا لقادر ، صح منه ايجاده. واذا قصد كل واحد منهما الى ايجاده. فاما أن يقع ذلك المقدور بهما معا ، أو لا يقع بواحد منهما ، أو يقع بأحدهما دون الثانى. والأقسام الثلاثة باطلة.
أما القسم الأول ـ وهو وقوعه بهما جميعا ـ فهذا محال. لأن اسناد الأثر الى المؤثر ، انما كان لامكانه وجوازه. والأثر اذا أخذ مع المؤثر التام ، كان واجب الوجود. وكونه واجب الوجود يمنعه من اسناده الى القدرة الثانية. فكون الفعل مع القدرة الثانية ، يمنع من الاسناد الى القدرة الاولى. فيلزم أن يكون حال وقوعه بكل واحدة من القدرتين أن يكون واجب الانقطاع عن كل واحد منهما. وهو جمع بين النقيضين. وهو محال.
وأما القسم الثانى ـ وهو أن لا يقع بواحد منهما ـ فهو أيضا محال. لأن المانع من وقوعه بهذه القدرة ، وقوعه بتلك القدرة. والمانع من وقوعه بتلك القدرة : وقوعه بهذه القدرة. فلا يمتنع هذا الا اذا وجد ذلك ، ولا يمتنع ذلك الا اذا وجد هذا. فلو امتنعا معا ، لوجدا معا. وذلك محال. فيلزم اجتماع النفى والاثبات. وهو محال.
وأما القسم الثالث ـ وهو أن يقع بأحدهما دون الآخر ـ فهذا أيضا محال لوجهين :