اذا عرفت هذا ، فنقول : حقيقة الله وكنه ماهيته غير مدركة بأحد هذين الطريقين. فوجب أن لا تكون متصورة عند العقول.
الحجة الثالثة : ان كل ما نعلمه منه سبحانه وتعالى ، فان مجرد تصوره غير ما تبين من وقوع الشركة فيه. ولذلك فانا بعد معرفة هذه الصفات ، نفتقر الى اقامة الدلائل على أنه سبحانه وتعالى واحد ، وأما ذاته المخصوصة فانها من حيث انها هى مانعة من الشركة. واذا كان كذلك ، وجب القطع بأنه من حيث انه هو غير معلوم للبشر. وهذا قياس جلى من الشكل الثانى.
* * *
واحتج القائلون بأن تلك الحقيقة معلومة بوجهين :
الحجة الأولى : ان التصديق مسبوق بالتصور ، ولو لم تكن تلك الحقيقة معلومة ، لامتنع الحكم عليها بأنها غير معلومة.
الحجة الثانية : انا نحكم على تلك الذات المخصوصة بأنها موصوفة بالوجود والقدم والدوام والوجوب والوحدة وصفات الجلال والاكرام. ولو لا أن تلك الحقيقة من حيث هى هى معلومة ، والا لما أمكن الحكم عليها بهذه الصفات.
والجواب : تنتقض هاتان الحجتان بخواص الاغذية والأدوية فانها من حيث هى هى مجهولة ، مع العلم بكونها مستلزمة للآثار المخصوصة. وكذا هاهنا.
واعلم : أن هذا الب حث ينتج (١) اشكالات عظيمة ، لا يليق ذكرها بهذه المواضع.
__________________
(١) يفتح أبواب : ب