وحالة من حوال ذاته. وحكم الشيء وحاله متأخر عن تحقق ذاته. وهذا يقتضي أن يكون تميز المقدور عن غيره ، مقدما على تعلق قدرة القادرية وأن يكون متأخرا عنه. وذلك محال.
فثبت : أن القول بكون القادر قادرا على الشيء ، يفضى الى هذا المحال. فكان القول بكون القادر : قادرا على الشيء ، محالا.
لا يقال : ماهية المقدور (٧) متقدمة على تعلق القدرة ، ووجوده متأخر عن تعلق القدرة : كما هو مذهب القائلين بأن المعدوم شيء.
لأنا نقول : اذا كنت الماهية متقررة فى العدم وفى الوجود ، ولا تأثير للقدرة فيها البتة ، لم تكن الماهية مقدورة البتة ، بل كان المقدور ، اما الوجود ، واما جعل الماهية موصوفة بالوجود. وهذا من حيث ان متعلق القدرة يجب أن يكون متقدما على القدرة ، ومن حيث ان أثر القدرة يجب أن يكون متأخرا عن القدرة. فيعود المحال المذكور.
الحجة الثالثة : وجود المخلوق اما أن يكون معللا بأن القادر قادر ، أو بأن الخالق (٨) خلقه وقدره. فان كان الأول لزم أن يقال : انه ما دام يكون قادرا ، يكون المخلوق موجودا. واذا كان كذلك امتنع انفكاك القادر عن وجود المخلوق. وان كان الثانى لزم أن يكون كونه خالقا مغايرا ، لكونه قادر ، لأنه لما صدق أن وجود المخلوق ليس لكونه قادرا ، بل لكونه خالقا. فصدق هذا النفى والاثبات يوجب المغايرة.
ثم نقول : كونه خالقا اما أن يكون حادثا ، وحينئذ يفتقر الى خالقية أخرى. وهو محال. أو يكون قديما ، فنقول الخالقية صفة
__________________
(٧) لم لا يجوز أن يقال : ماهية : ب
(٨) القادر : ب