بحادث آخر ، لا الى أول. وهذا هو القول بوجود حوادث لا أول لها. وقد ابطلناه.
واحتج المخالف على قوله بوجوه :
الحجة الأولى : لا شك أنه تعالى مؤثر فى وجود العالم. فكونه مؤثرا فى العالم اما أن يكون لذاته ، أو لصفة قديمة أو لصفة محدثة. والقسم الثالث باطل. لأن تلك الصفة المحدثة. ان وقعت لا عن مؤثر ، لزم نفى الصانع. وان افتقرت الى المؤثر ، لزم التسلسل. ولما بطل هذا القسم تعين أحد القسمين الأولين. وهو أن يكون كونه مؤثرا فى العالم. اما لذاته واما الصفة قديمة. واذا كانت هذه المؤثرية اما لأجل الذات واما لأجل الصفة القديمة بالذات ، لزم من دوام الذات ودوام تلك الصفة ، وجوب دوام تلك المؤثرية. اذ لو لم تجب لزم أن يحصل الأثر تارة ، وأن لا يحصل أخرى. فيكون تمييز احدى الحالتين عن الأخرى لا لمرجح.
وهو محال. واذا كانت تلك المؤثرية واجبة الثبوت ، ممتنعة الزوال ، كان موجبا بالذات ، لا فاعلا بالقدرة والاختيار.
الحجة الثانية : القول بكون المؤثر قادرا ، يفضى الى التناقض. فيكون القول به باطلا. انما قلنا : أنه يفضى الى التناقض ، لأن كون قادرا على المقدور ، موقوف على تميز ذلك المقدور فى نفسه عن الممتنعات ، لأنه لو لا ذلك التميز ، لم تكن قدرته عليها أولى من قدرته على الممتنعات. وهذا يقتضي أن يكون تميز المقدور عن غيره سابقا على تعلق قدرة القادرية.
وأيضا : المقدور هو الّذي يقع بتأثير القادر وتكوينه. وهذا يقتضي أن يكون تحقق ذات المقدور متأخرا عن تعلق قدرة القادرية. واذا كان تحقق ذاته متأخرا عن تعلق قدرة القادرية ، كان تميزه عن غيره أولى بأن يكون متأخرا عن تحقق ذاته. لأن التميز حكم من أحكام ذاته ،