عليه. فاذن ليس للأزل البتة آخر ، ولا للأبد البتة أول. فاذن لا يتميز الأول عن الأبد البتة: مع كون كل واحد منهما مناقضا للآخر ، ومعاند له. هذا خلف.
السؤال الرابع : اذا قلنا : كان الله تعالى موجودا فى الأزل ، وسيكون موجودا فى الأبد. فقولنا «كان» يفيد أمرا كان موجودا حاصلا ، وقد انقضى وما بقى. وقولنا «يكون» يفيد أمرا سيصير موجودا وحاصلا وبعد ما حصل. فاذن كل ما يصدق عليه أنه كان وسيكون ، فهو محكوم عليه بكونه متجددا متغير. وذات الله تعالى لما كان واجب الدوام ممتنع التغير ، وجب أن لا يصدق عليه البتة ، أنه كان فى الأزل وسيكون فى الأبد وأنه كائن الآن. ثم انا لما جربنا عقولنا وجدناها حاكمة بأن كل ما لا يصدق عليه أنه كان قبل وسيكون بعد ، وأنه كائن الآن : فهو معدوم محض.
وعند هذا قال المنكرون : انكم لما أثبتم ذاتا منزهة عن الجهات والأكوان (٢٢) والأوضاع ، خرج هذا الاثبات عن العقل ، وقرب من العدم المحض. ثم انكم الآن لما أثبتموه منزها عن أن يصدق عليه قولنا : كان ، ويكون ، وهو كائن : فهذا تصريح بالعدم المحض. واذا أدخلتموه تحت قولنا : كان ويكون وهو كائن اقتضى ذلك الحكم عليه بكونه متجددا متغيرا ، فكيف الخلاص عن هذه العقدة المحيرة ، والمضائق المضلة المعمية؟
ونظم المعرى هذا المعنى فى شعر له. فقال :
قلتم : لنا صانع حكيم |
|
قلنا : صدقتم. كذا نقول |
ثم زعمتم : بلا زمان |
|
ولا مكان. ألا فقولوا |
هذا كلام. له خبىء |
|
معناه : ليست لنا عقول |
__________________
(٢٢) والألوان : ا.